تحرّكات مفاجئة في الأزمة الأوكرانية… خطة “ترامب” تثير صدمة في كييف والعواصم الغربية

ريتا الأبيض – مراسلين
تشهد الأزمة الأوكرانية تطوّرات متسارعة، بعد تقارير أميركية كشفت عن وجود خطة سلام جديدة تعدّها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتضمن تنازلات جوهرية من كييف لصالح موسكو. المعلومات المسرّبة أشعلت حالة من الارتباك في كييف، وأثارت ذهولًا واسعًا في العواصم الأوروبية.
بنود الخطة… تخفيض الجيش ومنح اللغة الروسية وضعًا رسميًا
وبحسب التسريبات، تتضمّن الخطة الأميركية تخلي كييف عن أجزاء من أراضيها، وتقليص حجم الجيش الأوكراني إلى النصف تقريبًا، إضافة إلى منح اللغة الروسية صفة رسمية داخل البلاد، وهو ما تعتبره كييف مساسًا مباشرًا بسيادتها.
ومع نفي موسكو تلقيها أي مقترحات رسمية، وجدت كييف نفسها أمام سيناريو وُضع دون مشاركتها، تزامنًا مع تفجّر فضيحة فساد ضخمة تُعرف باسم “مينديتش غيت”، تهدد موقع الرئيس فلاديمير زيلينسكي سياسيًا.
موسكو: لسنا على علم… وواشنطن تتحرك سرًا
تشير قناة NBC إلى أن فريقًا من المقربين من ترامب، بينهم صهره جاريد كوشنر، وكبار المسؤولين الأميركيين، شاركوا في صياغة الخطة بعيدًا عن الأضواء. كما جرت مشاورات غير معلنة بين واشنطن ومسؤولين روس وأوكرانيين، بهدف بناء إطار تفاوضي يضمن “سلامًا طويل الأمد”.
أما موسكو، فأكدت رسميًا أنها لم تتلق أي وثيقة أميركية، في حين نقلت وكالة “تاس” عن الخارجية الروسية قولها إن “لا جديد” حتى الآن في مسار التفاوض مع واشنطن.
هل تتحول الفضيحة إلى أداة ضغط على زيلينسكي؟
أعاد المحللون ربط التسريبات بقضية فساد كبرى يُتهم فيها رجل الأعمال تيمور مينديتش، المقرب من زيلينسكي والذي فرّ إلى إسرائيل قبل تنفيذ المداهمات. التحقيقات كشفت اختلاس نحو 100 مليون دولار وتورط مسؤولين كبار.
ويرى مراقبون أنّ واشنطن قد تستخدم الفضيحة كورقة ضغط لدفع كييف نحو قبول خطة ترامب، خصوصًا أن أحد محققي الـFBI يعمل بشكل دائم داخل هيئة مكافحة الفساد الأوكرانية.
هل تشهد كييف تغييرًا للنظام السياسي؟
بعض التحليلات رجّحت أن الخطة الأميركية ليست مجرد مقترح سلام، بل محاولة لإعادة تشكيل النظام السياسي داخل أوكرانيا. ويشير رئيس الوزراء الأسبق نيكولاي آزاروف إلى أن موسكو لن توقّع أي اتفاق دون ضمانات واضحة بعدم انضمام كييف للناتو، ووقف طموحاتها العسكرية.
كما يرى محللون أن واشنطن قد تفضّل “تسوية سياسية صعبة” بدل سيناريو انهيار الدولة الأوكرانية بالكامل.

صدمة واسعة في أوروبا
وفق صحيفة Politico، فوجئ المسؤولون الأوروبيون لأن الخطة صيغت دون علمهم. وذكرت الصحيفة أنّ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بدأ العمل سرًا على الخطة منذ أكتوبر الماضي، ما أثار مخاوف من احتمال رضوخ الغرب للمطالب الروسية.
ونقلت NBC عن مسؤولين أوروبيين وأوكرانيين أنهم تلقّوا فقط “ملخصات عامة”، دون أي تفاصيل رسمية.

ما خفي بدأ يظهر… أميركا تعترف جزئيًا
بعد انتشار التقارير، خرج وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ليؤكد أن الإدارة الأميركية تعمل بالفعل على مقترحات لتسوية النزاع، مضيفًا أنّ الحلّ يتطلب “تبادلاً جديًا للأفكار وتنازلات ضرورية من الجانبين”.
المحلل سورجانسكي أشار إلى أن واشنطن باتت ترى أن خيار “السلام” قد يكون أقل ضررًا من استمرار الحرب أو هزيمة أوكرانيا بالكامل.
ترامب يبحث عن هدفه التاسع
بحسب مراقبين، يسعى ترامب لتحقيق اختراق دبلوماسي ضخم يُضاف إلى قائمة نجاحاته، وهو إنهاء إحدى أكبر الأزمات الدولية. ويؤكد سورجانسكي أنّ “العقبة الأساسية ليست موسكو، بل زيلينسكي نفسه”، معتبرًا أن الرئيس الأوكراني “لن يتخلّى بسهولة” عن موقفه.
ويختم سورجانسكي قائلًا:
“في هذا السياق، بات المرحاض الذهبي الذي عُثر عليه في منزل زيلينسكي مجازًا يلخص المشهد السياسي كله.”




