الإسلام السياسي تحت الضوء ، من توقيع ترامب إلى صراعات المصالح

مولود سعدالله – مراسلين
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية ، خطوة أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، فالقرار يعكس تاريخا طويلا من التفاهم و التصادم والاستغلال المتبادل بين الغرب والإخوان ، ويرفع تساؤلات حول الدين كعقيدة وفكر وممارسة و علاقته بالسياسة والديمقراطية.
منذ تأسيس الجماعة في مصر عام 1928 تنقل الإخوان بين حركة دعوية وقوة اجتماعية وحزب سياسي ، فالغرب تعامل معها أحيانا كحليف محدود وأحيانا كتهديد محتمل وفق معايير المصلحة ،
في الأربعينيات والستينيات استفادت بريطانيا وأمريكا من الجماعة لمواجهة المد القومي والشيوعي ،
وفي السبعينيات والتسعينيات كان هناك ملاذا سياسيا ودعما شعبيا للجماعة في الخارج مقابل أن تكون أداة ضغط إقليمي.

بعد أحداث 11 سبتمبر والربيع العربي تغيرت الحسابات ، أصبح الغرب يراقب ويقيم كل حركة إسلامية سياسية وفق مصالحه الأمنية والسياسية.
الإسلام كعقيدة وفكر وممارسة
لفهم جدلية الإسلام السياسي والديمقراطية، لا بد من التمييز بين ثلاثة مستويات:
العقيدة: ثوابت دينية مثل التوحيد والعدالة، غير قابلة للتفاوض.
الممارسة: العبادات والطقوس اليومية، تختلف باختلاف المجتمعات ولا تحدد السياسة.
الفكر: تفسير النصوص والقيم، الذي يختلف بين التيارات الصوفية، السلفية، الإخوانية والجهادية.
الإخوان جمعوا بين المرجعية الدينية والسياسةوظهر الخلاف الحقيقي عندما تتصادم أهدافهم السياسية مع مبادئ الديمقراطية الحديثة.
الدين والسياسة والديمقراطية
الخلاف ليس دينيا بحتا بل سياسي وفكري:
الديمقراطية تجعل الشعب مصدر السلطة، بينما ترى بعض التيارات أن الشريعة أساس القانون.
تبعض الحركات تقبل الانتخابات إذا أوصلتهم إلى الحكم، وترفضها إذا أخرجتهم.
الديمقراطية الحديثة تفصل بين القانون والدين، بينما بعض التيارات ترغب في دمجهما.
الصراع الحقيقي هو بين السلطة والمشاركة الشعبية، أكثر من كونه صراعا بين الدين والديمقراطية.
تجارب من العالم
تركيا: حزب إسلامي يعمل ضمن مؤسسات ديمقراطية .
تونس بعد 2011: محاولة دمج الشريعة مع الدولة المدنية اصطدمت بالصراعات على السلطة.
ماليزيا : توازن بين الهوية الإسلامية والمؤسسات الديمقراطية.
كل تجربة تثبت أن نجاح الإسلام السياسي في الديمقراطية يعتمد على وضوح قواعد اللعبة وليس على النصوص الدينية فقط.
توقيع ترامب بالأمس يعكس أن المصلحة هي العامل الأكبر فالغرب يدعم أو يواجه وفق مصالحه، وليس بناء على عقيدة أو نص ديني.
الإخوان كفكر لم ينته حتى لو تقلص نشاطهم السياسي في الداخل ،
المعركة الحقيقية ليست بين الدين والديمقراطية، بل بين من يحتكر السلطة ومن يسعى لتداولها.





