جدل واسع في صنعاء حول مقترح تخصيص باصات أجرة ” للنساء فقط”

أمل صالح- مراسلين
أثار إعلان صادر عن شرطة مرور صنعاء جدلًا واسعًا في الأوساط المجتمعية والإعلامية، بعد الكشف عن دراسة مشروع لتخصيص باصات أجرة خاصة بنقل النساء، وهي خطوة وصفها ناشطون وإعلاميون بأنها غير منطقية ومقيدة للحريات.

وأعلنت الإدارة العامة لشرطة مرور صنعاء، في بيان نُشر على صفحة الإعلام المروري التابعة لها يوم الخميس 25 ديسمبر 2025، عن دراسة مشروع لتخصيص باصات أجرة خاصة بالنساء.
وجاء في البيان توجيه من مدير عام شرطة المرور بصنعاء، اللواء بكيل البراشي، بـ«إعداد دراسة شاملة ومتكاملة لتخصيص عدد من باصات الأجرة في كل فرزة من فرزات أمانة العاصمة، تكون مخصصة حصريًا لنقل النساء».
وأوضح البيان أن هذه الخطوة تهدف إلى «توفير بيئة نقل آمنة تحفظ كرامة المرأة وتصون خصوصيتها، وتنسجم مع القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع اليمني».
مثير للسخرية
ما ورد في البيان أثار موجة سخرية وانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى ناشطون أن هذا التوجه يعكس تجاهلًا للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد، وتركيزًا على فرض مزيد من القيود على حرية المرأة بدل معالجة القضايا الجوهرية.
وانقسمت الآراء بين من اعتبر أن الأولى هو إيجاد حلول جذرية لمشكلة التحرش في وسائل النقل العامة، وبين من تساءل عن آلية تنفيذ القرار في حال إقراره، وهل سيكون إلزاميًا أم اختياريًا.
الناشط أنور الحيمي، وفي منشورات له على فيسبوك، اعتبر أن القرار يمثل هروبًا من لب المشكلة الحقيقية، والمتمثلة في غياب قانون واضح وصريح يجرّم التحرش ويعاقب مرتكبيه، مشيرًا إلى أن تخصيص باصات للنساء قد يكرّس ثقافة لوم الضحية، ويعطي انطباعًا ضمنيًا بأن وسائل النقل العامة مباحة للتحرش، بينما باصات النساء وحدها «منطقة آمنة».
كما أثار القرار تساؤلات أخرى، من بينها وضع النساء اللواتي يرافقهن أزواجهن أو أحد أفراد أسرهن من الرجال، في حين سخر آخرون من الفكرة وحولوها إلى مادة للنكات، متسائلين عن لون الباصات المخصصة، ومن سيقودها، وقيمة الأجرة.

بينا توضيحي آخر مغلف بالتشكيك
وبعد موجة الانتقادات والسخرية، أصدرت إدارة الإعلام المروري بيانًا توضيحيًا آخر، تحدثت فيه عما وصفته بـ«استغلال البعض للفكرة»، وعبّرت عن استغرابها من رفض المشروع، ووصفت بعض المنتقدين بأن لديهم «قصورًا في الفهم» أو أنهم «من ذوي الأفكار والسلوكيات المنحرفة الدخيلة على شعب الإيمان والحكمة»، وهو ما اعتبره ناشطون توصيفًا مسيئًا وصادرًا عن جهة رسمية.
وهو ما وصفه الحيمي بأنه سقوط أخلاقي لجهة رسمية، بدلاً من أن يناقش البيان جوهر الانتقاد ،اتجه للتشكيك في النوايا، وشخصنة الموضوع.
فيما أوضح البيان أن شرطة المرور تدرس تخصيص من 5 إلى 10 باصات في الفرز الكبيرة، ومن 3 إلى 5 باصات في الفرز الصغيرة، تكون مخصصة للنساء بشكل اختياري.
وقال إن هذه المبادرة تأتي بدوافع دينية وأخلاقية ومهنية، استجابةً لمناشدات وبلاغات من نساء تعرضن لمضايقات وتحرش في وسائل النقل العامة.
في المحصلة، لا يزال الجدل قائمًا بين مؤيد يرى في الفكرة حماية لخصوصية النساء، ومعارض يعتبرها تكريسًا لتنميط المرأة وتقييد حركتها، في وقت تعاني فيه كثير من النساء أوضاعًا معيشية قاسية، دفعت بعضهن للبحث عن لقمة العيش في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة.
كما يخشى آخرون أن يكون وصف القرار بـ«الاختياري» خطوة تمهيدية لفصل تمييزي أوسع، على غرار ما يحدث في بعض الجامعات الحكومية من فصل بين الطلاب والطالبات، سواء في الأيام الدراسية أو قاعات المحاضرات.



