وزير الثقافة السوري يعلن استعادة أكثر من 1400 رُقم وقطعة أثرية إلى متحف إدلب

أنس الشيخ أحمد-مراسلين
إدلب – في خطوة وُصفت بأنها من أهم عمليات استعادة التراث خلال السنوات الأخيرة، أعلن وزير الثقافة ياسين الصالح اليوم استعادة أكثر من 1400 رُقم وقطعة أثرية تعود إلى حضارات عريقة ازدهرت على الأرض السورية منذ آلاف السنين، لتعود مجددًا إلى متحف إدلب وتشكّل إضافة نوعية إلى مقتنياته.
وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي أقيم في متحف إدلب بحضور محافظ إدلب محمد عبد الرحمن وعدد من المسؤولين والباحثين وعشاق التاريخ والتراث. واستعرض الوزير خلال المؤتمر أبرز القطع التي شملت رُقمًا مسمارية، وأختامًا، ولقى فخارية ومعدنية، بالإضافة إلى مجموعة من القطع التي تُعد شاهداً حيًا على التنوع الثقافي الذي ميّز الحضارات المتعاقبة في شمال سوريا.
تفاصيل عملية الاستعادة
وأوضح الوزير الصالح أن عملية استعادة هذه المجموعة جرت عبر تعاون وثيق بين وزارة الثقافة والجهات المختصة في مكافحة تهريب الآثار، إلى جانب تعاون مؤسسات دولية تُعنى بحماية التراث. وبيّن أن توثيق القطع، وتحديد مسارات خروجها من البلاد، والجهود الدبلوماسية التي رافقت عملية الاسترداد استغرقت أشهرًا من العمل المتواصل.
وأشار إلى أن فريقاً من الخبراء يعمل حاليًا على فحص القطع وترميم المتضرر منها وفق المعايير الدولية، تمهيدًا لعرضها ضمن قاعات متحف إدلب بطريقة تبرز قيمتها التاريخية والحضارية.
أهمية القطع المستعادة
تتميّز المجموعة المستعادة بكون معظمها يعود إلى عصور البرونز والحديد، إضافة إلى فترات هلينستية ورومانية وبيزنطية مرّت على المنطقة، ما يجعلها مرجعًا مهمًا للباحثين في تاريخ سوريا القديم. كما تضم المجموعة عددًا من الرُقم المسمارية التي توثق جوانب اقتصادية وإدارية وحياتية لحضارات عاشت في شمال سوريا، وهي مواد نادرة ذات قيمة علمية عالية.
تصريحات رسمية
وأكد وزير الثقافة أن الوزارة ماضية في عملها لحماية ما تبقى من التراث المعرّض للتهريب أو التدمير، مشددًا على أن “التراث السوري ليس مجرد مقتنيات مادية، بل هو ذاكرة وطنية وهوية حضارية متجذّرة في تاريخ البشرية”.
من جهته، شدد محافظ إدلب محمد عبد الرحمن على أن استعادة هذه القطع تشكّل رسالة واضحة بأن سوريا مستمرة في حماية تراثها رغم كل التحديات، مضيفًا أن هذه الخطوة ستسهم في إعادة تنشيط الحياة الثقافية والسياحية في المحافظة، ورفع الوعي بقيمة الإرث التاريخي الذي تحتضنه.
تأتي هذه الخطوة في سياق جهود واسعة تبذلها الدولة السورية للحفاظ على تراثها المادي واللامادي، ولإعادة ما نُهب أو خرج من البلاد في ظروف استثنائية. ومع عودة هذه القطع إلى متحف إدلب، تستعيد سوريا جزءًا من ذاكرتها الحضارية، وتؤكد من جديد أن الهوية الثقافية السورية، الممتدة من أعماق التاريخ، ما تزال حيّة وقادرة على النهوض رغم كل ما مرّ بها.
ويمثّل هذا الإنجاز أكثر من مجرد عملية استرداد آثار؛ فهو استعادة لصفحات من التاريخ، وترسيخ لقيمة التراث بوصفه جسرًا يربط الماضي بالحاضر، ويمنح الأجيال القادمة قوة الانتماء إلى وطن كان وما يزال مهدًا للحضارات الإنسانية.





