الروحانية في عالم متسارع: كيف يجد الإنسان السكينة وسط ضغوط الحياة؟

مراسلين – خاص
وسط ضجيج الحياة الحديثة وتسارع الأحداث وضغوط المعيشة، يظل الإنسان في بحث دائم عن ملاذ داخلي يعيد له الطمأنينة. وفي خضم هذه التحديات، يبقى الإسلام بوصلةً روحيةً تمنح المؤمن السكينة وتذكّره بأن الدنيا دار عمل وابتلاء، وأن الطمأنينة الحقيقية لا تتحقق إلا بذكر الله والاتصال به.
الطمأنينة غاية إنسانية
القرآن الكريم قدّم الدواء الشافي للقلق والاضطراب بقوله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28]. فالذكر ليس مجرد ترديدٍ باللسان، بل هو حضور القلب واستشعار القرب من الخالق عز وجل. كما أرشد النبي ﷺ إلى أذكارٍ وأدعية تزرع في النفس راحة واطمئنانًا، منها قوله: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال” [رواه البخاري].
الضغوط اليومية في ميزان الإسلام
إذا كان الإنسان المعاصر يشتكي من سباقٍ لا ينتهي، فإن الإسلام وضع قاعدة ذهبية هي “فقه الأولويات”، فلا يُرهق المسلم نفسه بما لا طاقة له به، بل يبدأ بالأهم فالمهم. وفي الحديث الشريف: “إن لربك عليك حقًا، وإن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعطِ كل ذي حق حقه” [رواه البخاري].
بهذا التوازن، يحافظ المؤمن على سلامه الداخلي رغم انشغالات الدنيا وضغوطها.
نماذج عملية للسكينة
- الصلاة: أعظم محطات الراحة، فقد كان النبي ﷺ يقول: “أرحنا بها يا بلال”.
- القرآن: نور وهداية، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}.
- الدعاء: سلاح المؤمن في مواجهة القلق، يرفع يديه إلى السماء فيجد في المناجاة طمأنينة لا يجدها في أي وسيلة أخرى.
- صلة الرحم: وسيلة اجتماعية تمنح الدفء وتبعد العزلة، كما أوصى بها الإسلام.
حلول إسلامية عملية
- تخصيص وقت يومي لقراءة وردٍ من القرآن ولو نصف صفحة.
- الالتزام بالأذكار الصباحية والمسائية لتحصين النفس.
- المحافظة على الصلاة في وقتها باعتبارها عمود السكينة.
- تقليل الانغماس في الدنيا، والتذكير بأن الزهد لا يعني ترك العمل بل تخفيف التعلّق بما لا ينفع.
- الاجتماع على الخير مع الأسرة في جلسة ذكر أو قراءة.
خاتمة
في عالمٍ متسارع يضغط على الأجساد والعقول، تبقى الروح في حاجة إلى زادٍ صافٍ. والإسلام بما يحمله من قيم ذكرٍ وطمأنينة وصلة بخالق الكون، يمنح الإنسان القدرة على مواجهة ضغوط الحياة بروحٍ مطمئنة. فليست السكينة هدفًا بعيد المنال، بل هي وعدٌ إلهي لكل قلبٍ عامرٍ بالإيمان: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم} [الفتح: 4].
5hrrz5
s0hivx