المدينة القديمة.. قصةٌ وإرثّ

هناء السيّد- مُراسلين
طرابلس القديمة أو ما تُعرف اليوم المدينة القديمة تُعدُ فضاءً واسعًا من المعالم الأثرية والتاريخية. على أركانِ شوارعها وطول أزقتها، تنتشر المزارات والصُروح، بدءًا من قوس (ماركوس أوروليوس)، مرورًا بمآذن جامع قرجي والباشا، وهي التحف المعمارية التي تعبرُ عن فنون العمارة الإسلامية، ثمَّ إلى بيوت القنصليات الفرنسية والإنجليزية والأمريكية، ختامًا بوسعاية الرخام والسيدة مريم.
تتيحُ المدينة لزوارها الاطلاع على المعمار المتوسطي والأفريقي والشرقي، بما في ذلك الحمامات التاريخية مثل حمام درغوث، وحمام الحلقة وسط الأسواق التاريخية، وفي طليعتها النسى والرباع، الحلقة الصاغة، والقزدارة المفعم بحيوية الحرفيين، وسوق المشير، وسوق الترك.
يتمركزُ المشهد الثقافي بشكلهِ الكامل في قلعة السرايا الحمراء والمتحف الوطني الذي يعد أحد الجواهر المكنونة في المدينة، ويجمع بين جدرانه تحفاً فنية وكنوز تاريخية تلخص الحضارات المتوالية على أرض ليبيا منذ عصور القبائل الليبية الموغلة في القدم إلى العصر الحديث.
يمكنُ حصر أبرز المعالم التي تشتهرُ بها المدينة في:
قوس ماركوس:
قوس ماركوس (أو قوس الإمبراطور ماركوس أوريليوس) هو أحد المعالم الأثرية الرومانية البارزة في مدينة طرابلس، ويُعد شاهدًا على العمارة الرومانية الفخمة في شمال إفريقيا.

زنقة الفرنسيس:
هي واحدة من أقدم وأشهر أزقة المدينة القديمة طرابلس، وتحمل في طياتها مزيجًا فريدًا من التاريخ والثقافة والعمران، يتجلى ذلكَ بوضوح في مبنى القنصلية الفرنسية وحوش محمود بي.
شارع الأكوش:
أحد أشهر شوارع المدينة القديمة طرابلس، ويُعتبر من الشرايين الحيوية التي كانت وما زالت تربط بين الأسواق، المساجد، والمباني التاريخية في المدينة العتيقة، وفي طليعتها مبنى القنصلية الانجليزية، ودار أحمد النائب للمخطوطات.

وسعاية السيدة مريم:
واحدة من أقدم وأجمل ميادين المدينة، وتحمل في طياتها رمزية دينية وشعبية عميقة، تتوزع على جنباتها مباني السجن التركي وكنيسة السيدة مريم وبنك دي روما ومدرسة الساقزلي.
الأسواق:
تميزت أسواق المدينة القديمة في طرابلس بتنوع معماري فريد يعكس تطور النشاط التجاري والحرفي عبر القرون الماضية. فقد ظهرت أنماط معمارية مختلفة، من أسواق قائمة في الساحات العامة، إلى أسواق مكشوفة على شكل طرقات، وأخرى مغطاة بأروقة مسقوفة. وقد بلغ عدد هذه الأسواق نحو 29 سوقًا، تنوعت تخصصاتها وتجارها، وشكّلت قلب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة؛ في طليعتها اليوم أسواق الرباع والمشير والنسا والقزدارة والترك والفرامل والحلقة وسوق الصناعات التقليدية.

الفنادق:
في المراحل التاريخية السابقة، لم تكن كلمة “فندق” تعني ما تعنيه اليوم، بل كانت تشير إلى “الوكالة التجارية”؛ وهي منشآت خُصِّصت لتخزين وتسويق بضائع التجار، ورغم أن هذه الفنادق قد تبدو لأول وهلة مجرد منشآت بسيطة، فإنها في الحقيقة تزخر بجمال معماري مميز. بلغ عدد الفنادق في المدينة خلال العهدين العثماني والقرمانلي نحو 50 فندقًا، لم يتبقَ منها اليوم سوى 16 فقط. من أبرزها فنادق الزهر وميزران والقرقني الغدامسية ومادي الحسان وزميت.
