صدّ هجوم الدعم السريع على الفاشر ومحاولة اقتحام جديده فاشلة

ممدوح ساتي -مراسلين
السودان- في واحدة من أعنف ليالي الحرب منذ بداية الحصار، اهتزّت مدينة الفاشر على وقع دوي المدافع والطائرات المسيّرة، حين أطلقت قوات الدعم السريع فجر يوم أمس الاثنين السادس من أكتوبر هجومًا واسعًا من ثلاثة محاور دفعة واحدة، في محاولة لاختراق دفاعات المدينة التي تحولت إلى حصن منيع بعد شهور من القتال المتواصل.
بدأت المعركة بقصف مدفعي كثيف طال أطراف المدينة، تلاه اندفاع سريع لعربات الدعم السريع نحو مواقع حيوية، أبرزها السلاح الطبي وسلاح الإشارة ومعهد المهندسين ومدرسة القيادة. استمر الهجوم لساعات طويلة وسط اشتباكات متقطعة واختراقات محدودة في بعض المواقع، قبل أن يعلن الجيش السوداني والقوات المشتركة استعادة السيطرة الكاملة على الأرض بعد معركة وُصفت بـ«الدامية والحاسمة».
المصادر الميدانية تحدثت عن تدمير سبع عربات مصفحة وإلحاق خسائر كبيرة بصفوف المهاجمين، فيما انتشرت صور لعربات محترقة ودخان يتصاعد من مناطق الاشتباك. أما داخل المدينة، فقد عاش المدنيون ليلة عصيبة، حيث سقطت قذائف عدة على الأحياء السكنية مخلّفة أكثر من 13 قتيلًا وقرابة 20 جريحًا بينهم نساء وأطفال.
وفي تطور مثير للجدل، اتهمت لجان المقاومة المحلية قوات الدعم السريع باستخدام مقذوفات غامضة تسببت في حالات اختناق وروائح خانقة غير مألوفة، ما أثار مخاوف من استخدام أسلحة محظورة، في حين لم تصدر تأكيدات مستقلة حتى الآن بشأن طبيعة تلك المواد.
الطواقم الطبية تعمل في ظروف مأساوية وسط عجز المستشفيات وانقطاع الإمدادات، فالكثير من الجرحى ما زالوا عالقين في مناطق القتال، فيما تُسمع أصوات الاستغاثة من الأحياء الشمالية التي شهدت القصف الأعنف.
ورغم كل ذلك، خرج الجيش بعد ساعات ليعلن أن الفاشر «لم ولن تُهزم»، وأكدت القيادة المشتركة أن الهجوم كان الأكبر منذ بدء الحصار، لكنه انتهى كسابقيه بفشل ذريع. ومع حلول المساء، عادت أصوات المدافع إلى الهدوء، تاركة خلفها مدينة متعبة، لكنها ما زالت تقاتل لتبقى.
الفاشر، كما وصفها أحد سكانها، مدينة لا تنام على الخوف… بل على صدى الصمود.