النيجر تُشعل سوق الطاقة بطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع الدولي

ممدوح ساتي -مراسلين
في خطوة تُعدّ الأجرأ منذ استيلاء الجيش على السلطة، أعلنت حكومة النيجر طرح مخزونها الوطني من اليورانيوم للبيع المباشر في السوق الدولية، متجاوزة القيود التقليدية التي ارتبطت لعقود بشركات أجنبية أبرزها اورانو Orano.
القرار، الذي صدر في 1 ديسمبر 2025، وصفته السلطات بأنه «تحرير للثروة الوطنية» وبداية عهد جديد من الاستقلال الاقتصادي.
وتأتي هذه الخطوة بينما تزداد المنافسة العالمية على مصادر الوقود النووي، وتبحث دول كالصين وروسيا وتركيا والهند عن موردين جدد في ظل اضطرابات سلاسل الإمداد الغربية.
الأسواق العالمية تترقب؛ وأسعار اليورانيوم بدأت تُظهر تذبذبًا ملحوظًا منذ ساعات الصباح، وسط توقعات بأن تعيد نيامي رسم قواعد اللعبة في تجارة المعادن الإستراتيجية.
خطوة تكسر العمود الفقري للنفوذ الفرنسي
لم يكن إعلان نيامي مجرد قرار اقتصادي. بدا أشبه بــ«وثيقة تحرر سياسي» من إرث استعماري طويل، ارتبط فيه اليورانيوم بالسياسة أكثر من ارتباطه بالطاقة.
لأربعة عقود، كانت شركات فرنسية – أبرزها Électricité de France – تعتمد بشكل مباشر على يورانيوم النيجر لتغذية مفاعلاتها النووية.
كما حافظت باريس، عبر شراكتها التجارية مع Orano، على نفوذ إستراتيجي في بلد يُعد من أفقر دول العالم رغم امتلاكه أحد أهم احتياطيات اليورانيوم في القارة.
لكن مع قرار البيع الحر، فقدت فرنسا الامتياز الأهم الذي ظلّ يمنحها القدرة على التحكم في مسار الطاقة النووية داخل أوروبا.
إتاحة المخزون ‘‘للجميع’’ دون تفضيل يفتح الباب أمام دول منافسة.
هذا التحول يُنهي عمليًا عقودًا من «الامتياز الضمني» الفرنسي في قطاع حاسم.
من منظور الحكومة العسكرية في نيامي، فإن طرح المخزون في السوق المفتوحة إعلان سيادة، ورسالة تقول بأن الدولة قررت أن تتحكم في أقدارها الاقتصادية بعد أن خسرت باريس نفوذها الأمني والعسكري عقب طرد القوات الفرنسية من الساحل.
القرار ينسجم مع الموجة الجيوسياسية التي يقودها تحالف الساحل الجديد (النيجر–مالي–بوركينا فاسو)، الذي يسعى إلى تأسيس مسار سياسي واقتصادي منفصل عن أوروبا.




