الألغام والمخلفات الحربية… خطر يلاحق السوريين حتى بعد سقوط النظام البائد

أنس الشيخ أحمد – مراسلين
أظهر تقرير “مرصد الألغام الأرضية” لعام 2025 أن أعداد القتلى والمصابين جراء الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في العالم بلغت خلال عام 2024 أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات، مدفوعة بتصاعد الصراعات في كل من سوريا وميانمار. ويكشف التقرير عن واقع خطير يواجهه المدنيون، خاصة في المناطق التي شهدت قتالًا واسعًا خلال السنوات الماضية.
ضحايا الألغام في صعود… والواقع السوري الأكثر خطورة
أكد التقرير أن العدد الإجمالي للضحايا تجاوز ستة آلاف شخص خلال العام الماضي، بينهم 1945 قتيلًا و4325 مصابًا، وهي الحصيلة السنوية الأعلى منذ عام 2020. ويعكس هذا الارتفاع حجم المخاطر التي لا تزال تهدد السكان في المناطق المتأثرة بالصراع، رغم تراجع وتيرة العمليات العسكرية في بعض البلدان

ويشير التقرير إلى أن سوريا تصدرت الدول التي شهدت زيادة كبيرة في أعداد الضحايا، حيث ما يزال المدنيون يتعرضون لخطر الألغام المزروعة في محيط القرى والبلدات، بالإضافة إلى الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها العمليات العسكرية الواسعة.
مدنيون على خط النار… والأطفال الأكثر تضرراً
بحسب التقرير، فإن 90% من ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة هم من المدنيين، بينما يشكل النساء والأطفال ما يقارب نصف الإصابات. وتعد هذه النسبة دليلاً واضحًا على أن الخطر لم يعد مرتبطًا بساحات القتال، بل أصبح جزءًا من الحياة اليومية للعائلات التي تحاول استئناف حياتها في المناطق المدمرة.

مخاطر العائدين إلى منازلهم
يشير التقرير إلى أن السوريين العائدين إلى قراهم بعد سقوط النظام يجدون أنفسهم أمام تهديد مستمر من مخلفات الحرب. فالذخائر غير المنفجرة تنتشر في الأراضي الزراعية والطرقات وبين الأنقاض، ما يجعل العودة إلى الحياة الطبيعية محفوفة بالمخاطر.
وتقول منظمات محلية تعمل في إزالة الألغام إن السنوات الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في عدد الحوادث بين المزارعين والعمال والأطفال، خصوصًا في المناطق التي لم تصلها فرق نزع الألغام حتى الآن.
أزمة إنسانية مستمرة رغم توقف المعارك
تعكس هذه الأرقام حجم التحديات التي تواجه سوريا بعد سنوات طويلة من الحرب؛ فحتى مع توقف العمليات العسكرية في العديد من المناطق، تبقى الألغام والذخائر غير المنفجرة تهديدًا صامتًا لا يميز بين طفل وامرأة وعامل ومزارع.
ويؤكد خبراء أمنيون أن التخلص من هذا الكم الهائل من المخلفات الحربية يحتاج إلى جهود دولية واسعة، وخطط طويلة الأمد تتضمن عمليات مسح، وتدريب فرق متخصصة، إضافة إلى حملات توعية للسكان، خصوصًا في المناطق الريفية.
خطر مؤجل… لكن حضوره دائم
تبقى الألغام من أكثر الأسلحة التي تخلّف آثارًا تدميرية تمتد لعشرات السنين، وقد تستمر تهديداتها حتى بعد انتهاء الحرب وغياب أسبابها. وفي سوريا، يبدو أن هذا الخطر سيظل حاضرًا في حياة المدنيين إلى أن يتم تنفيذ برامج شاملة لإزالة الألغام وإعادة تأهيل المناطق المتضررة.
ورغم سقوط النظام البائد، إلا أن إرثه الدموي ما يزال يطارد السوريين يوميًا، ويمنع كثيرين منهم من العودة إلى منازلهم أو حقولهم أو حياتهم السابقة بأمان.




