تثبيت حكم سجن الصحافي الفرنسي كريستوف غليز 7 سنوات يفاقم التوتر الجزائري الفرنسي

سارة جودي – مراسلين
أكدت محكمة الاستئناف بمدينة تيزي وزو الجزائرية اليوم 3 ديسمبر 2025، الحكم الصادر في يونيو الماضي ضد الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، بالسجن النافذ سبع سنوات، وذلك بتهمة “الإشادة بالإرهاب” و”حيازة منشورات دعائية تمس بالمصلحة الوطنية”، في قضية سلطت الضوء مجددا على هشاشة العلاقات الجزائرية-الفرنسية التي تمر بمرحلة توتر منذ صيف 2024، وفق ما ذكرت لوموند وعدة تحليلات فرنسي.
ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن ممثل النيابة خلال جلسة الاستئناف دعا إلى تشديد العقوبة إلى عشر سنوات سجن، معتبرا أن كريستوف غليز لم يكن في مهمة صحفية فعلية، بل إن “العمل الصحفي شكّل غطاءً لنشاط عدائي”، وفق تعبيره. كما طالب بتغريمه بمبلغ 500 ألف دينار جزائري (نحو 3300 يورو)، مشددًا على أن حضوره إلى الجزائر لم يكن بريئًا بل تضمن نوايا تمس بأمن الدولة.
الصحفي البالغ من العمر 36 عاما، عمل مع مجلتي “سو فوت” و”سوسايتي”، اعتقل لأول مرة في 28 مايو 2024 خلال زيارة إلى تيزي وزو بمنطقة القبائل، أثناء تحضيره لتقرير عن نادي شبيبة القبائل، أحد أعرق أندية كرة القدم الجزائرية. ووفق ما أورده راديو فرانس، فقد كان غليز يعد ملفا صحفيا عن “سنوات المجد” للنادي، كما كان بصدد إجراء لقاءات مع شخصيات رياضية بارزة.
لكن السلطات الجزائرية ربطت توقيفه باتصالات قديمة أجراها مع أحد قيادات “حركة الماك” الانفصالية، المصنفة منظمة إرهابية في الجزائر منذ 2021. وأشارت تقرير صحيفة لوموند إلى أن هذه الاتصالات تعود إلى عامي 2015 و2017، أي قبل تصنيف الحركة، ولم تكن على صلة مباشرة بالتحقيق الذي جاء من أجله في 2024.
وأكد غليز، خلال جلسة اليوم أنه نادم على دخوله البلاد بتأشيرة سياحية بدلا من تأشيرة صحفية، وطلب الرأفة من المحكمة قائلا إنه لم ينو مطلقا الإضرار بأمن الجزائر، بل كان يؤدي عمله كصحافي رياضي مستقل.
ونددت منظمة “مراسلون بلا حدود” بالحكم واعتبرته “صادما ومجحفا”، مؤكدة أن غليز لم يرتكب أي جرم وأن نشاطه يندرج في إطار الممارسة الصحفية المشروعة. وفي فرنسا، أعربت الحكومة عن “أسفها العميق” لتثبيت العقوبة، وجددت مطالبتها بالإفراج الفوري عنه. من جانبه، عبّر محامي غليز الفرنسي إيمانويل داوود، عن خيبة أمله إزاء ما وصفه بـ”الملف الخالي من أي دليل حقيقي”، معلنا أن فريق الدفاع سيلجأ إلى الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا الجزائرية، وهو المسار القانوني الأخير المتاح.
وتكشف هذه القضية عن تباين عميق بين سرديتين: الأولى تنظر إلى الملاحقة القضائية باعتبارها مسارا أمنيا يرتبط بحماية سيادة الدولة ووحدة ترابها، فيما ترى الثانية أنها تضييق على حرية العمل الصحفي وتحويل لنشاط إعلامي إلى قضية ذات بعد سياسي. وبين هذين المنظورين، تبدو قضية غليز إحدى أكثر الملفات حساسية في العلاقات الجزائرية–الفرنسية، إذ تتقاطع فيها اعتبارات السيادة الوطنية، وحرية الصحافة، والسياق السياسي المشحون بين البلدين. ومع توجه الملف إلى المحكمة العليا، يترقب الرأي العام في فرنسا والجزائر التطورات المقبلة، خصوصا بعد أن أصبحت القضية محورا لتغطيات واسعة في وسائل الإعلام الفرنسية، ما يجعلها مرشحة للتحول إلى قضية رأي عام تتجاوز بعدها القانوني إلى حسابات سياسية ودبلوماسية أوسع .



