في الذكرى السنوية.. أنس الخربوطلي، عدسةٌ خالدة تروي ثمن الحقيقة في سوريا

شادي الشامي – مراسلين
إدلب – يمر اليوم عامٌ كامل على الغياب الموجع للمصور الصحفي الشاب أنس الخربوطلي (مواليد ١٩٩٢)، الذي استُشهد في مثل هذا اليوم، ٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٤، إثر غارة جوية استهدفته أثناء قيامه بواجبه المهني في تغطية الأحداث العسكرية الدائرة بريف حماة الشمالي.
في الذكرى السنوية لرحيله، لا يزال أنس يمثل رمزاً للإعلاميين الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنقل الحقيقة من قلب مناطق النزاع، مخلفاً وراءه إرثاً بصرياً خالداً يحكي فصولاً من الصراع السوري.
تفاصيل الاستشهاد: عامٌ على غُصّة الفقد

قبل عام، كان أنس الخربوطلي، المصور المتعاقد مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ – DPA)، متواجداً في منطقة مورك بريف حماة، لتغطية التطورات الميدانية. ووفقاً لشهادات زملائه الذين نجوا، تعرض الموقع الذي كان يتواجد فيه الصحفيون للاستهداف المباشر بغارة جوية عنيفة.
أدت الغارة إلى إصابة أنس إصابةً بالغة، ليرتقي شهيداً بعد فترة وجيزة، قبل أن يتمكن فريق الإسعاف من الوصول به إلى المشفى. هذا الاستهداف أثار حينها موجة واسعة من الإدانات الدولية، مؤكدة على ضرورة حماية العاملين في الحقل الإعلامي أثناء تغطيتهم
للصراعات.

العدسة التي سبقت إلى الميدان
لم يكن أنس الخربوطلي مصوراً عادياً؛ بل كان شاهداً حياً على الألم، وصاحب “لغة بصرية فريدة” كما وصفته وكالة “د ب أ”. وقد اتسمت أعماله بالجرأة والاحترافية، حيث وثّق الحصار على الغوطة الشرقية بأدق تفاصيله، ونقل معاناة الأطفال والنازحين.

ومن أبرز إنجازاته المهنية التي تُخلد ذكراه:
جائزة “بايو” الفرنسية (2020): فوزه بجائزة المراسل الشاب عن تغطيته للعمليات العسكرية.
جائزة سوني العالمية للتصوير (2021): حصوله على المركز الأول في فئة الرياضة عن سلسلته “رياضة ومرح بدلاً من حرب وخوف”، والتي أبرزت قدرة السوريين على خلق الحياة من رحم الدمار.
إن هذه الصور التي بقيت، تذكير دائم بمدى إصرار أنس على توثيق قصص الأمل والوجع معاً.

ردود الأفعال المستمرة: تذكيرٌ بثمن الحقيقة
في الذكرى السنوية لاستشهاده، تتجدد الدعوات إلى تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن استهداف الصحفيين. ولا يزال الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان يشددون على أن فقدان أنس الخربوطلي هو خسارة للإعلام الحر، ويؤكدون على أن ملاحقة الصحفيين أثناء أداء واجبهم هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي.
في هذا اليوم، نستذكر أنس الخربوطلي، الذي ترك عدسة تنبض بالحياة، وقدم درساً في التضحية من أجل إيصال الحقيقة إلى العالم. سيبقى اسمه محفوراً في سجل شهداء الكلمة والصورة.



