عربي و دولي

بضمانات سعودية «درع الوطن» تتسلم الملف الأمني في المهرة وحضرموت

ضيف الله الطوالي – مراسلين

شهدت محافظتا المهرة وحضرموت (شرقي اليمن) خلال الساعات الماضية، تحولات متسارعة أعادت رسم الخارطة الأمنية والعسكرية في المناطق ذات الأهمية الجيوستراتيجية، وذلك عقب تدخل سعودي مباشر قاده وفد عسكري رفيع لنزع فتيل التوتر المتصاعد بين القوات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وتكللت هذه الجهود، مساء الجمعة 5 ديسمبر، بإعلان قوات «درع الوطن» -التي تمثل الاحتياطي الاستراتيجي لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي- بسط سيطرتها الكاملة على مواقع سيادية ومناطق حيوية كانت محور نزاع ساخن خلال الأيام القليلة الماضية.

من التوتر إلى استلام المواقع السيادية

في محافظة المهرة، البوابة الشرقية لليمن، باشرت قوات «درع الوطن» إجراءات استلام وتأمين شاملة لمفاصل الدولة في العاصمة الغيضة ومديريات أخرى، في خطوة وصفت بأنها تهدف لـ “فرض هيبة الدولة وتجنيب المحافظة الصراعات”.

وأكدت مصادر عسكرية رسمية إتمام عملية استلام معسكر نشطون الاستراتيجي، بالإضافة إلى مطار الغيضة الدولي، حيث تولت القوات مهام الحماية الكاملة للمطار بما يشمل بوابات الدخول والخروج، وساحات الوقوف، ومباني الخدمات.

ولم تقتصر عملية الاستلام على المنشآت الحيوية فحسب، بل شملت المؤسسات الأمنية الحساسة في العاصمة الغيضة، حيث تسلمت القوات مبنى الاستخبارات العسكرية، والسجن المركزي، وإدارة البحث الجنائي، ومصلحة الجوازات.

وجاء هذا الانتشار الواسع بعد ساعات من توتر أمني، عقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، الخميس، توسيع نطاق سيطرته ونشر قوات بقيادة اللواء فضل باعش، ورفع “أعلام الانفصال” على مرافق حكومية ومنافذ برية حدودية مع سلطنة عمان (شحن وصرفيت). إلا أن التدخل الأخير أفضى إلى تسليم هذه المواقع لقوات درع الوطن كقوة محايدة تتبع القائد الأعلى للقوات المسلحة مباشرة.

الخطوط الحمراء والقرار السعودي

بالتوازي مع أحداث المهرة، كانت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، تشهد حراكاً دبلوماسياً مكثفاً لرسم ملامح المرحلة المقبلة.

فقد عقد محافظ حضرموت، سالم أحمد الخنبشي، اجتماعاً مفصلياً مع وفد سعودي رفيع برئاسة اللواء الركن الدكتور محمد بن عبيد القحطاني، ضم وجهاء وأعيان المحافظة وقياداتها العسكرية والأمنية. إذ كانت الرسالة السعودية في الاجتماع حازمة وواضحة، حيث شدد اللواء القحطاني على “رفض العمليات العسكرية في حضرموت” وضرورة “عودة جميع القوات التي قدمت من الخارج إلى معسكراتها”.

وطرح الوفد السعودي خارطة طريق لتهدئة الوضع تتضمن: تسليم المواقع العسكرية لقوات «درع الوطن»، ومنع أي احتكاكات أو صدامات عسكرية. ضمان عمل المؤسسات الخدمية والحفاظ على الممتلكات العامة.

وقد لاقت هذه التحركات ترحيباً واسعاً من السلطة المحلية والوجهاء في حضرموت، الذين اعتبروا وجود الوفد السعودي “رسالة اطمئنان” لضمان خصوصية المحافظة وتماسك نسيجها الاجتماعي بعيداً عن الصراعات.

تأمين شريان الحياة الدولي

وفي سياق ترجمة هذه التفاهمات على الأرض في وادي وصحراء حضرموت، أعلنت قوات درع الوطن استلامها اللواء 23 ميكا والمواقع التابعة له في مديرية العبر. كما نفذت القوات انتشاراً واسعاً لتأمين الطرق الدولية الحيوية التي تربط اليمن بالمملكة العربية السعودية، وتحديداً خطي (العبر – الخشعة) و (العبر – الوديعة)، لضمان حركة المسافرين والبضائع وإنهاء أي مظاهر مسلحة قد تهدد هذا الشريان الحيوي.

ما هي قوات «درع الوطن»؟

تجدر الإشارة إلى أن قوات «درع الوطن» أنشئت بقرار جمهوري (رقم 18 لسنة 2023) كقوات احتياط تتبع مباشرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي. وتتلقى هذه القوات دعماً لوجستياً وعسكرياً من المملكة العربية السعودية، وقد تم تشكيلها لتكون قوة ضاربة لتعزيز سلطة الدولة، وتتكون في غالبها من عناصر ذات خلفيات سلفية وقبلية منضبطة عسكرياً. ويمثل تسليمها للملف الأمني في المحافظات الشرقية اليوم مؤشراً قوياً على توجه التحالف بقيادة السعودية ومجلس القيادة الرئاسي نحو تحييد هذه المناطق الاقتصادية عن التجاذبات السياسية الحادة، وفرض نموذج “الدولة” كخيار وحيد لإدارة الأمن والمنافذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews