أخبارعربي و دولي

ذرائع جديدة لضرب إيران: هل المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية أخرى؟

علي زم – مراسلين

طهران- يشكل التقرير الأخير لـ «إن بي سي نيوز» عن تصاعد قلق المسؤولين الإسرائيليين إزاء إعادة بناء وتوسيع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني مؤشراً واضحاً على دخول الملف الإيراني مرحلة جديدة من الصراع الأمني وعودة الذرائع الإسرائيلية لشن هجوم على إيران. وهي مرحلة لم يعد التركيز فيها منصباً على البرنامج النووي بقدر ما بات موجهاً نحو القدرات الصاروخية ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية. يحمل هذا التحول في بؤرة الاهتمام تداعيات مهمة على المعادلات الإقليمية، وكذلك على علاقات إيران مع الولايات المتحدة وحلفائها.

وبحسب التقرير، تعمل إسرائيل على إعداد حزمة معلومات استخبارية لتقديمها إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بهدف بحث خيارات توجيه ضربة جديدة للبنى التحتية الصاروخية الإيرانية، في خطوة ترى تل أبيب أنها قد تحول دون إعادة ترسيخ قدرات الردع الإيرانية.

تغيير في الأولويات؛ من النووي إلى الصاروخي

يقول الموقع المتخصص بالشأن الإيراني، ميدل ايست نيوز، إنه ىاستناداً إلى مضمون تقرير «إن بي سي»، ورغم إقرار المسؤولين الإسرائيليين بأن إيران تعمل على إعادة بناء مواقع تخصيب نووي كانت قد استهدفت بهجمات أميركية في شهر يونيو، فإنهم يعتبرون أن التهديد الأكثر إلحاحاً يتمثل في مجال الصواريخ الباليستية ومنظومات الدفاع الجوي.

أمنياً، تعكس هذه القراءة أن تل أبيب تنظر إلى البرنامج الصاروخي الإيراني بوصفه «قدرة عملياتية قائمة بالفعل»، قادرة على تغيير ميزان القوى على المدى القصير بما لا يصب في مصلحة إسرائيل. في المقابل، يُنظر إلى البرنامج النووي، حتى في أكثر السيناريوهات تشاؤماً، على أنه يحتاج إلى وقت أطول ليصبح تهديداً فورياً.

أما إيران فترى أن ما تصفه إسرائيل بـ«التهديد» يُعد جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الدفاعية للبلاد. فالبرنامج الصاروخي الإيراني تشكل وتعزز على مدى العقود الماضية استجابة لتجربة الحرب، وحظر التسلح، والتهديدات العسكرية المستمرة. بالنسبة إلى طهران، لا تمثل الصواريخ الباليستية أداة هجومية، بل تشكل الركيزة الأساسية للردع في مواجهة أي هجوم خارجي.

وفي هذا الإطار، يُنظر إلى إعادة تأهيل المنشآت المتضررة وترميم منظومات الدفاع الجوي على أنهما رد فعل متوقع على الهجمات السابقة، يهدف إلى منع تكرارها.

لقاء مارالاغو؛ مسعى لإعادة أمننة الملف الإيراني

ينظر للقاء المرتقب بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب في مقر الإقامة بمارالاغو من قبل إيران ومحللين إقليميين بوصفه محاولة جديدة لإعادة أمننة الملف الإيراني على المستوى الدولي. إذ من المتوقع أن يعرض نتنياهو خلال اللقاء توسّع البرنامج الصاروخي الإيراني على أنه تهديد يتجاوز إسرائيل، وخطر يطال مجمل المنطقة والمصالح الأميركية.

هذا الطرح سبق أن سلط الضوء عليه مراراً في السابق، غير أنه يكتسب اليوم زخماً جديداً مع التركيز على «فورية التهديد». ويتمثل الهدف الأساسي لتل أبيب في استمالة واشنطن للمشاركة المباشرة أو غير المباشرة في أي عملية عسكرية جديدة ضد إيران.

الولايات المتحدة؛ بين الردع وتجنب حرب جديدة

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تبدو عملية اتخاذ القرار في هذه المرحلة أكثر تعقيداً من ذي قبل. فالهجمات السابقة على المنشآت الإيرانية، وإن كانت قد وجهت رسالة واضحة باستعراض القوة، فإنها لم تنجح في إرساء ردع مستدام. في المقابل، فإن الانخراط في مواجهة جديدة قد يزج بالولايات المتحدة في دوامة من التوتر يصعب التحكم بها وتترتب عليها كلفة باهظة.

هذا التردد هو ما يدفع إسرائيل إلى السعي لحشد دعم سياسي واستخباري وعملياتي أميركي، إذ إن قدرة تل أبيب على التحرك الأحادي ستظل محدودة من دون هذا الغطاء.

ما التداعيات الإقليمية والدولية لأي هجوم جديد على إيران؟

دولياً، إن أي هجوم جديد على إيران ستكون له تداعيات تتجاوز حدود الطرفين. فتصاعد انعدام الأمن في الخليج، واحتمال رد فعل من القوى المتحالفة مع إيران في المنطقة، وتهديد مسارات الطاقة، كلها سيناريوهات قد تؤدي سريعاً إلى تدويل الأزمة. وفي هذا السياق، أدلى محمد جواد لاريجاني، الشخصية الأصولية ووزير الخارجية الأسبق، عقب الحرب التي استمرت 12 يوماً، بتصريح لافت بشأن احتمال تجدّد المواجهات بين إيران وإسرائيل وانعكاساتها على صادرات النفط الإيرانية، قائلاً: «إذا كان مقرراً أن لا تبيع إيران نفطاً في المنطقة، فلن يبيع أحد في المنطقة نفطاً».

وبالنسبة إلى إيران، تمثل هذه الظروف في آن واحد تهديداً وفرصة: تهديداً من حيث زيادة الضغوط واحتمال الانزلاق إلى مواجهة، وفرصة من حيث إبراز الكلفة الباهظة لأي عمل عسكري بالنسبة للطرف المقابل.

ويمكن قراءة إعادة نشر المخاوف الإسرائيلية في وسائل الإعلام الأميركية باعتبارها جزءاً من معركة سرديات، تسعى تل أبيب من خلالها إلى إضفاء شرعية مسبقة على أي تحرك محتمل في المستقبل. في المقابل، ترى إيران أن تعزيز قدراتها الصاروخية والدفاعية هو رد طبيعي على التهديدات المستمرة وانتهاك سيادتها الوطنية.

وقد يسهم لقاء ترامب ونتنياهو في رسم مسار التطورات المقبلة، غير أن المؤكد هو أن أي قرار متسرع قد يدفع المعادلات الأمنية في المنطقة إلى مرحلة مكلفة ولا رجعة فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews