أخباررئيسيةعربي و دولي

لبنان يقرّ قانون الفجوة المالية… وملف الودائع بين التعهدات الرسمية والنقاشات المغلقة

ريتا الأبيض – مراسلين

أقرّت الحكومة اللبنانية مشروع قانون الفجوة المالية واسترداد الودائع، في خطوة وُصفت بالمفصلية ضمن مسار معالجة الانهيار المالي. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن 85% من المودعين سيستعيدون أموالهم كاملة، فيما سيتمكن باقي المودعين من استرداد ودائعهم بوتيرة أبطأ وفق الآليات التي ينص عليها القانون.

سلام أوضح أن المودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على أموالهم كاملة وفي أسرع وقت ممكن، معتبرًا أن القانون يهدف إلى حماية صغار المودعين ووضع إطار تشريعي واضح لمعالجة أحد أكثر ملفات الأزمة المالية تعقيدًا.

في المقابل، تتزامن هذه التعهدات مع نقاشات غير معلنة تدور بعيدًا عن الإعلام حول كلفة تطبيق القانون وإمكاناته الفعلية. مصادر متابعة أشارت إلى أن المشروع دخل مرحلة شديدة الحساسية، مع انتقال البحث من العلن إلى دوائر ضيقة تتقاطع فيها الحسابات السياسية مع الوقائع المالية، وسط ضغوط داخلية وخارجية تدفع نحو إقراره.

وفي هذا السياق، عُقد لقاء بعيدًا عن الأضواء جمع مستشار وزير المال سمير حمود مع عدد من النواب ومقرّبين من رئيس الحكومة، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الدولة والقطاع المصرفي. النقاش ركّز على ضرورة تمرير القانون من حيث المبدأ، مقابل التشديد على واقعية الأرقام وقدرة النظام المصرفي على التنفيذ.

حمود حذّر من الإبقاء على المصارف في حالة شلل، معتبرًا أن استمرار ما يُعرف بـ“مصارف زومبي” لم يعد خيارًا ممكنًا اقتصاديًا. في المقابل، أشار إلى أن الصيغة المتداولة للمشروع قد تعمّق الأزمة بدل معالجتها، لا سيما في ما يتعلق بحقوق المودعين وإمكان التطبيق العملي.

الاعتراض الأساسي تمحور حول حجم الكلفة. فبعد تداول أرقام تقارب 20 مليار دولار لتغطية الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار، أظهرت حسابات وُصفت بالواقعية أن هذا الرقم غير قابل للتحقق. حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلًا، والذي يفترض جمع السيولة المتاحة وبيع الأصول واليوروبوندز، فإن السقف الأقصى لا يتجاوز 7 مليارات دولار، يُضاف إليها نحو 9 مليارات دولار من الاحتياطي الإلزامي، أي ما مجموعه 16 مليار دولار.

هذه المقاربة لا تصدر عن المصارف وحدها. إذ أقرّ مصرف لبنان بأن غالبية المصارف غير قادرة على تحمّل أكثر من 2 إلى 3 مليارات دولار، محذرًا من أن تحميلها أعباء إضافية قد يؤدي إلى انهيارها بدل إعادة هيكلتها.

في موازاة ذلك، عاد الجدل حول احتياطي الذهب إلى الواجهة. ورغم تأكيد سلام أن الدولة لن تبيع الذهب ولن ترهنه، وأن مشروع القانون تضمّن بنودًا واضحة لحمايته ومنع أي استغلال له، إلا أن غياب قرار سياسي واضح بشأن استخدامه كضمانة لإصدارات مالية مستقبلية يبقي الملف مفتوحًا أمام التأويل.

وأشار رئيس الحكومة إلى أن التدقيق الجنائي سيُستكمل، وأن مسار المحاسبة مستمر، رافضًا توصيف القانون بأنه يقوم على قاعدة “عفا الله عما مضى”.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى مشروع قانون الفجوة المالية محاطًا بتحديات التنفيذ، بين تعهدات رسمية بإعادة الودائع، ونقاشات مغلقة حول الكلفة والقدرة الفعلية، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في تحديد مصير أحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ الأزمة المالية اللبنانية.

Rita Abiad

صحفية وباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، مهتمة بتغطية الأخبار الرياضية وتحليلها بالإضافة الى خبرة في إدارة منصات التواصل الإجتماعي وانتاج محتوى تحريري بدقة عالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews