واشنطن تشدد الخناق على تمويل «حزب الله» بعقوبات جديدة تستهدف شبكات إيرانية ولبنانية

بقلم: وليد شهاب قصاص
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف شبكة معقدة من الأفراد والكيانات المالية المتهمة بتمويل “حزب الله”، في إطار حملة متصاعدة لقطع السبل أمام تدفق الأموال نحو الحزب المدعوم من إيران. ذكرت الوزارة في بيان رسمي أن الشبكة المستهدفة تعمل عبر شركات واجهة ومشاريع تجارية مشبوهة، بدءًا من تهريب النفط إلى الاستثمارات العقارية، بهدف تمويل العمليات التي تصفها واشنطن بـ”الإرهابية”
وأوضحت الوثائق الصادرة عن الخزانة الأمريكية أن العقوبات شملت محمد قاسم البزال، صهر الراحل محمد قصير، أحد أبرز مسؤولي المالية في الحزب الذي قُتل بضربة إسرائيلية العام الماضي، إلى جانب ثمانية أفراد من عائلته وشركات متورطة في عمليات غسل الأموال عبر لبنان وسوريا وقبرص.
نشرت الوزارة تفاصيل دقيقة تُظهر كيف استغل البزال وشبكته شركات لتصدير النفط السوري عبر موانئ غير رسمية، بالتعاون مع “فيلق القدس” الإيراني، لتحويل الأرباح إلى حسابات سرية.
فيما أكد مسؤولون أمريكيون أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية متعددة الجبهات لاستنزاف موارد الحزب، خاصة بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، الذي كان يشكل شريانًا حيويًا لتمويله. كشفت مصادر دبلوماسية أن واشنطن تتنسق مع حلفائها الأوروبيين والخليجيين لملاحقة تحويلات الحزب عبر أنظمة الدفع الدولية.
وبينما تواصل إسرائيل ضرباتها الاستباقية ضد قياداته في لبنان. أشار البيان إلى أن العقوبات الجديدة تحظر على الأفراد والشركات المتورطة التعامل مع المؤسسات المالية الأمريكية أو الوصول إلى الأسواق الدولية، مع تجميد أي أصول مملوكة لهم تحت الولاية القضائية للولايات المتحدة. لفتت الخزانة إلى أن هذه الإجراءات تأتي ردًا على تصاعد نشاط الحزب العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024.
خلفية متشعبة وتداعيات إقليمية
صرح محللون أمنيون أن الحملة الأمريكية الأخيرة تعكس تحولًا في الاستراتيجية من استهداف قيادات الحزب العسكرية إلى تجفيف منابعه المالية، خاصة بعد تقارير أفادت بتحوله إلى شبكات اقتصادية غير قانونية لتعويض خسائره بعد الضربات الإسرائيلية. بينت وثائق مسربة أن الحزب يعتمد على شبكات تهرب ضريبي وتهريب سلع فاخرة عبر موانئ بيروت وطرابلس، باستخدام أسماء مستعارة لقياداته
نوهت مصادر لبنانية إلى أن العقوبات قد تزيد من عزلة الحزب اقتصادياً، لكنها حذرت من تداعياتها على الاقتصاد اللبناني المنهك، الذي يعاني أصلاً من انهيار مصرفي وانتشار واسع للاقتصاد الموازي. في المقابل، رد متحدث باسم “حزب الله” بالتبرؤ من الأفراد المدرجين على القائمة، ووصف العقوبات بـ”الحرب الاقتصادية الأمريكية على المقاومة”.
مستقبل غير واضح
أفاد مراقبون أن التصعيد الأمريكي الإسرائيلي المتزامن ضد “حزب الله” يهدف إلى استغلال مرحلة الضعف التي يمر بها بعد خسارته لقادة تاريخيين ودعمه الإقليمي، لكنهم يشككون في قدرة العقوبات وحدها على إضعاف بنيته التنظيمية المتجذرة. تبقى التحديات قائمة في ظل صعوبة تعقب التحويلات النقدية الصغيرة والاقتصاد غير الرسمي في لبنان، بينما تُترك الأسئلة الأكبر حول مصير “المقاومة المسلحة” في ظل تصاعد المطالب اللبنانية بنزع سلاح الحزب.