عربي و دولي

مدغشقر.. الجيش يسيطر على السلطة بعد أسابيع من الغضب الشعبي ومصير الرئيس مجهول

ترجمة وتحرير: ضيف الله الطوالي- مراسلين

شهدت مدغشقر، الجزيرة الواقعة قبالة السواحل الأفريقية، تحولاً جذرياً في المشهد السياسي أمس الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر 2025، عندما أعلن الجيش سيطرته على زمام الحكم، جاء هذا التطور الدراماتيكي في أعقاب أسابيع من الاحتجاجات الدامية التي طالبت بإسقاط الرئيس “أندري راجولينا”، الذي أفادت الأنباء بمغادرته البلاد.

حالة الطوارئ والمؤسسات المُعلّقة
تحرك الجيش سريعاً لترسيخ سيطرته، حيث أعلن عن تعليق العمل بالدستور وحلّ كافة المؤسسات الحكومية الرئيسية، بما في ذلك المحكمة العليا والمفوضية الانتخابية ومجلس الشيوخ، ويُستثنى من هذا الحل الجمعية الوطنية (مجلس النواب).
وبدأت الأزمة في أواخر سبتمبر، ولم يكن بسبب خلافات سياسية تقليدية، بل اشتعلت شرارته نتيجة فشل الحكومة في توفير خدمات أساسية مثل المياه والكهرباء بشكل منتظم، قبل أن تتسع رقعة المظالم لتشمل الفساد وارتفاع الأسعار.

مشاهدة السيد راجولينا وهو يخاطب الأمة يوم الاثنين عبر الصفحة الرسمية لرئاسة مدغشقر على فيسبوك.

هبّة “الجيل زد” تُشعل الثورة

ما يميز موجة الاحتجاجات هذه هو قيادة الشباب لها، حيث احتشد الآلاف من فئة “الجيل زد” في العاصمة “أنتاناناريفو” ومدن رئيسية أخرى، وقد استمد هؤلاء المتظاهرون إلهامهم من حركات شبابية مماثلة ظهرت مؤخراً في نيبال وكينيا، وأبدوا سخطهم من الفساد المستشري وصعوبة تلبية الاحتياجات اليومية في ظل وعود لم تتحقق من الرئيس “راجولينا”.
وقد تصاعدت حدة التوتر عندما اعتقلت السلطات عضوين في مجلس مدينة “أنتاناناريفو” قبل مظاهرة مخطط لها، وهو ما اعتبرته مجموعات مدنية محاولة مكشوفة لتكميم الأفواه.

ردود الفعل العنيفة وانشقاق الجيش

في البداية، اعتمدت القوات الأمنية على القمع العنيف في محاولة لاحتواء المحتجين. وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط 22 قتيلاً وأكثر من مئة جريح، حسب تقارير الأمم المتحدة التي شككت فيها السلطات المحلية.
ورغم محاولة الرئيس “راجولينا” امتصاص الغضب بحل الحكومة وإقالة مجلس الوزراء في 29 سبتمبر، إلا أن خطوته زادت المحتجين إصراراً على المطالبة باستقالته، وبلغت الأزمة ذروتها عندما بدأ جزء من قوات الأمن في الانضمام إلى صفوف المتظاهرين يوم السبت الماضي.

ومع إعلان “راجولينا” يوم الاثنين أنه يختبئ بسبب تهديدات لحياته، إلا أنه تمسك بمنصبه، لكن يوم الثلاثاء شهد خطوتين حاسمتين: تصويت نواب المعارضة على مساءلته، وإعلان الجيش تدخله الفوري.

حكم انتقالي والعودة إلى الاضطراب.

أعلنت وحدة عسكرية أنها ستشكل حكومة انتقالية لمدة لا تتجاوز عامين، هدفها الإعداد لاستفتاء على دستور جديد وتشكيل مؤسسات جديدة، مع تأكيد على ضرورة إشراك المدنيين في هذه الحكومة.
تعود الأوضاع في مدغشقر، ذات الـ 32 مليون نسمة والتي تعتمد على الزراعة، إلى دائرة عدم الاستقرار السياسي التي تعاني منها البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، ويُذكر أن الرئيس “راجولينا” وصل إلى السلطة للمرة الأولى عبر انقلاب عسكري في عام 2009، قبل أن يعود ويفوز بانتخابات طعن فيها معارضوه متهمين إياه بالتلاعب.

المصدر نيويورك تايمز/ New York Times

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews