بين ضغط الصين وصراع غزة.. تايوان تهاجم فلسطين وتعلن توجهاً أوضح نحو إسرائيل

ريتا الأبيض – مراسلين
في موقف غير مسبوق أثار موجة واسعة من الجدل الدبلوماسي، وجّهت تايوان انتقادات حادة لفلسطين، معتبرة أن مواقفها “سيئة جداً” بالنسبة لتايبيه، في وقت تُظهر فيه الجزيرة توجهاً واضحاً نحو تعزيز علاقاتها مع إسرائيل وسط تصاعد التوترات الإقليمية، وضغط صيني متواصل لإحكام العزلة الدولية على تايوان.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية التايواني لين تشيا لونغ خلال لقاء مع الصحافيين، حيث شدد على أن تايوان ستعامل الدول وفق مستوى الدعم الذي تقدمه لها، قائلاً:
“سنكون ودودين تجاه الدول التي تبادر بالود تجاهنا.”
وأوضح الوزير أن إسرائيل أثبتت في مناسبات عدة أنها أكثر دعماً لتايوان من العديد من دول الشرق الأوسط، مشيراً إلى مذكرة دعم وقّعها 72 عضواً من البرلمان الإسرائيلي لصالح تايوان هذا العام، وهو ما اعتبرته تايبيه دليلاً إضافياً على ما وصفته بـ”الصداقة الحقيقية”.
لكن التصريح الأكثر إثارة للنقاش كان حين قال الوزير إن “فلسطين سيئة للغاية بالنسبة لتايوان”، معتبراً أن تبنّي الفلسطينيين لمبدأ “الصين الواحدة” — الذي تصرّ بكين على فرضه باعتبار تايوان جزءاً من أراضيها — جعل من فلسطين طرفاً غير صديق.
ويأتي هذا الموقف ضمن سياق سياسي معقّد، إذ ترى تايوان أن أي دولة تؤيد موقف الصين إنما تُضعف مساعيها للحصول على اعتراف دولي مستقل، خصوصاً في المنظمات الأممية حيث تعتمد بكين على نفوذها الدبلوماسي لعزل تايبيه.
وسبق أن تعرضت حكومة تايوان لانتقادات عندما حاولت تقديم تبرعات لمرفق طبي داخل مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، قبل أن يتم التراجع عن الخطوة بعد اعتراضات قانونية وسياسية دولية، خصوصاً عقب قرار محكمة العدل الدولية التي أكدت عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية.
وعند سؤال الوزير عن موقف بلاده من حرب غزة، شدد على أن الأولوية بالنسبة لتايوان هي الدعم الإنساني، مشيراً إلى أن الدبلوماسيين التايوانيين تلقوا تعليمات واضحة بعدم الانخراط في تفاصيل النزاع أو اتخاذ مواقف قد تُفهم كتحيز لطرف على حساب آخر.
ويرى مراقبون أن تصريحات تايوان الأخيرة تأتي في لحظة حساسة للغاية، حيث تخوض الجزيرة معركة دبلوماسية يومية للحفاظ على اعتراف الدول بها في ظل الضغط الصيني، في وقت تسعى إسرائيل بدورها لتعزيز علاقاتها الآسيوية، ما يجعل المصالح المشتركة بين الطرفين أكثر وضوحاً من أي وقتٍ مضى.
وبينما يستمر الجدل حول تداعيات هذا الموقف، يُتوقع أن تثير هذه التصريحات مزيداً من النقاش داخل الأوساط الآسيوية والعربية، خاصة في ظل التوتر السياسي في المنطقة وتداعيات الحرب على غزة، وتزايد الاصطفافات الدولية حول ملفات حساسة مرتبطة بالصين وإسرائيل.



