اتساع استغلال الأطفال: الولايات المتحدة صاحبة المعدل الأعلى

ممدوح ساتي -مراسلين
في الولايات المتحدة تنمو ظاهرة خطيرة تتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال، داخل الفضاءات الحقيقية وأيضًا في فضاء الإنترنت — ظاهرة تبدو أرقامها كبيرة، ولكنها غالباً ما تبقى في ظِل الصمت والجهل.
حجم البلاغات الرسمي
أظهرت بيانات National Center for Missing & Exploited Children (NCMEC) أن عام 2023 شهد تسجيل أكثر من 36.2 مليون بلاغ تتعلق بحالات يُشتبه فيها بأنها استغلال جنسي لأطفال عبر “خط البلاغات الإلكتروني” التابع لها.
وعند مراجعة بيانات 2024، وجد أن NCMEC استقبلت 20.5 مليون بلاغ — لكن عند تفكيك البلاغات وتجديد تصنيفها إلى “حوادث” منفصلة، تم تسجيل نحو 29.2 مليون حادثة يشتبه بأنها استغلال جنسي للأطفال خلال العام.
على صعيد “الاستدراج الجنسي عبر الإنترنت” (Online Enticement)، أفاد NCMEC بتلقي أكثر من 546,000 بلاغ في 2024 — مستوى يُظهر تصاعدًا ملحوظًا في محاولات استهداف الأطفال عبر الفضاء الرقمي.
كما سجّلت الجهة نفسها في 2024 ما يزيد على 27,800 تقرير يُعتقد أنها تتعلق بـ “اتجار جنسي بالأطفال” (Child Sex Trafficking) — ما يشير إلى أن الانتهاكات عبر الإنترنت لا تقتصر على محتوى أو علاقات جنسية، بل تشمل شبكات استغلال وتهريب واستغلال تجاري للأطفال.
عن ماذا تعبّر الأرقام؟
إن هذه الأرقام — ملايين البلاغات، مئات آلاف محاولات استدراج، وعشرات آلاف من حالات محتملة للاتجار — تؤكد أن الاستغلال الجنسي للأطفال في أمريكا ليس “ظاهرة نادرة” أو “انحرافات محدودة”، بل تسلسل واسع ومعقد من الانتهاكات التي تشمل الأطفال في بيئات متعددة: المنزل، المدرسة، وبالذات الإنترنت.
ارتفاع بلاغات الاستدراج والاتجار الرقمي يجعل من الفضاء الإلكتروني بوابة رئيسية لجرائم ضد الطفولة، تنمو مع تطور وسائل الاتصال والرقمنة.
حدود الأرقام الرسمية
رغم ضخامة هذه البيانات الرسمية، فإن ما يظهر منها لا يعكس بالضرورة كامل الواقع:
الأرقام تشمل فقط ما تمّ بلاغه أو اكتشافه — بينما كثير من الانتهاكات تبقى في الظل لأن الضحية لا تبلغ.
بعض البلاغات قد تُدمج أو تُجمّع (bundled) ما يقلل من عدد “الحوادث” المدونة رغم احتمال وجود أكثر من ضحية.
الانتهاكات التي تقع داخل الأسرة أو ضمن محيط قريب قد لا تُعرَف أو لا تُبلّغ مطلقًا.
بيانات الجهات الرسمية في الولايات المتحدة تشير إلى أن ملايين البلاغات بشأن استغلال جنسي للأطفال تُسجّل سنويًا، بمئات الآلاف من محاولات استدراج، وعشرات آلاف من الحالات المحتملة للاتجار الجنسي، الأرقام تكشف مدى اتساع الظاهرة، وتضع علامة استفهام كبيرة: إلى أي مدى يعرف المجتمع حقيقة حجم هذه الجرائم؟
التقرير هنا لا يتناول الحلول أو التوصيات، بل يعرض الوقائع كما هي — ليكون شاهداً على حجم الكارثة ولتسليط الضوء على أرقام لا يمكن تجاهلها.



