امتحانات الفيزياء سبب لعدم القبول في كليات الطب في إيطاليا

سعيد محمد – مراسلين
في إيطاليا، خلّفت أول دورة امتحانية ضمن نظام الفصل الدراسي المُرشّح لدراسة الطب نتائج صادمة وغير مسبوقة، إذ سجّلت نسب نجاح شديدة الانخفاض في مختلف الجامعات، خاصة في امتحان الفيزياء الذي أصبح العامل الحاسم في موجة الرسوب.
تشير البيانات الأولية، قبل صدور التقرير الرسمي من وزارة الجامعات، إلى أن معدل النجاح الوطني لا يتجاوز تقريبًا 20% في الأحياء، وأقل من ذلك بقليل في الكيمياء، بينما ينخفض إلى حدود 10% فقط في الفيزياء، ما يجعله الامتحان الأكثر تسبّبًا في إقصاء الطلاب. وقد أدى هذا إلى طرح سيناريو غير معتاد: احتمال أن يتجاوز عدد المقاعد التدريسية المتاحة عدد الطلاب المؤهلين فعليًا لشغلها في يناير المقبل.
تكشف نتائج الجامعات الكبرى حجم المشكلة. ففي ميلانو، نجح 12% فقط من أصل 3173 طالبًا في الفيزياء، بينما لم تتجاوز النسبة 10% في بولونيا، و9.4% في كاتانيا، و10.3% في باري، فيما سجلت باليرمو 13% وبيكوكا في ميلانو 17%، وهي نسب أعلى نسبيًا لكنها لا تغيّر الصورة العامة القاتمة. كما أن متوسط الدرجات منخفض عمومًا، بالكاد يتجاوز عتبة النجاح في معظم المواد، إذ بلغ 21.9 في الأحياء، و21.2 في الكيمياء، و21 في الفيزياء، ما يعكس مستوى صعوبة الامتحانات التي وصفتها بعض الجامعات بأنها «غير متوقعة» في تعقيدها.
ورغم الجدل الذي أثارته هذه النتائج حول فرضية «التقليد الجماعي» أو وجود تهاون في الرقابة أو تداول للحلول، أكدت وزيرة الجامعة آنا ماريا برنيني مؤخرًا أنه «لم يُقلّد أحد»، مشيرة إلى أن الأرقام نفسها تُثبت عدم وجود خروقات منظمة. ومع ذلك، تفتح هذه المعطيات الباب لمساءلة أوسع حول واقع الإعداد العلمي للطلاب، خاصة في ظل نتائج متشابهة من شمال البلاد إلى جنوبها.
وبينما يواجه أكثر من 53 ألف طالب طب طموح في جميع أنحاء إيطاليا هذه الموجة غير المسبوقة من الرسوب، يستعد الجميع لخوض الامتحان الثاني في 10 ديسمبر، على أن تُعلن نتائجه في 23 ديسمبر. ووفقًا لمعلومات حصلت عليها وكالة ANSA، فإن الاختبارات مكتملة بالفعل ولن تُبسّط، ما يبدد آمال بعض الطلاب في امتحان أسهل. وتُعد هذه الفرصة الثانية حاسمة، نظرًا إلى أن نظام الفصل المرشّح يشترط النجاح في الامتحانات الثلاثة للتأهل للتصنيف الوطني والتسجيل التلقائي لكلية الطب.
تكمن الخطورة في أن استمرار نسب النجاح الحالية قد يُبقي آلاف المقاعد التدريسية شاغرة، في حين تتبدد أحلام آلاف الطلاب، ليس بسبب محدودية المقاعد، بل نتيجة التحضير غير الكافي لامتحانات اتُفق على أنها كانت فوق مستوى توقعاتهم.
وهكذا ينتهي الموسم الخريفي لامتحانات الطب بنتيجة صادمة تُسلّط الضوء على خلل عميق في منظومة الإعداد والتوجيه، وتفرض مراجعة شاملة لطريقة التحضير لهذه المرحلة المفصلية التي أثّرت في مستقبل جيل كامل بشكل موحد من شمال إيطاليا إلى جنوبها.



