ذكرى اغتيال الصحفي جبران تويني حين دفعت الكلمة ثمنها في واحدة من أصعب مراحل لبنان

مولود سعدالله – مراسلين

في 12 ديسمبر تعود إلى أذهان اللبنانيين حادثة اغتيال الصحفي والنائب جبران تويني، الذي شكل اسمه علامة فارقة في مسار الصحافة اللبنانية لسنوات طويلة، فقد كان الرجل من الأصوات التي آمنت بأن الكلمة قادرة على فتح النقاش العام، وبأن الصحافة جزء من صورة لبنان ودوره في المنطقة ، فقد كان مدافعا شرسا عن حرية الصحافة ويعرف كذلك برفضه القاطع للوصاية والهيمنة على لبنان .

اغتيل تويني عام 2005 في انفجار استهدف موكبه في منطقة المكلس، في واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخ لبنان الحديث ، كان ذلك الزمن يشهد انقساما سياسيا كبيرا وسجالات متواصلة حول مستقبل البلاد، وسط أجواء من التوتر والاضطراب بعد سلسلة اغتيالات طالت شخصيات سياسية وإعلامية ، في تلك الظروف كانت الصحافة في واجهة المشهد وكانت الأصوات الإعلامية تعبر عن اتجاهات متعددة داخل المجتمع.

جبران تويني كان معروفا بأسلوبه المباشر وإيمانه بأن الصحافة مساحة للنقاش الحر وأن دورها يتجاوز نقل الخبر إلى الدفاع عن المبادئ التي تعطي لبنان فرادته، مثل التعددية والانفتاح وحرية التعبير ، كان يريد دولة تستمع للناس وصحافة تساهم في توعية الرأي العام وتعكس هموم الشارع.

ومع استعادة ذكراه اليوم يعود سؤال كيف استطاعت الصحافة أن تصمد رغم كل التحديات ، الظروف تغيرت كثيرا منذ 2005 لكن الدور الأساسي للصحافة بقي نفسه تقديم المعلومة، شرح الواقع، ومنح المواطن مساحة لفهم ما يحدث من حوله ، ورغم الضغوط التي مرّت بها المؤسسات الإعلامية خلال السنوات الأخيرة، لا تزال حرية التعبير إحدى القيم التي يتمسك بها المجتمع اللبناني، ويعتبرها جزءا أساسيا من هويته.

إن استرجاع لحظة اغتيال جبران تويني اليوم ليس هدفه فتح الجراح، بل تذكير بما مر به لبنان وما استطاع تجاوزه ، والتأكيد على أن حرية الصحافة كانت وما زالت عنصرا مهما في حياة البلد العامة ، إنها مناسبة للنظر إلى الطريق الذي قطع منذ ذلك الوقت، وإلى الآمال التي ظل يرددها تويني عن وطن ينهض بإعلامه ومؤسساته وثقافة الحوار فيه.

يبقى اسم جبران تويني جزءا من تاريخ الصحافة اللبنانية، وصورة لمرحلة صعبة استطاع لبنان أن يمر بها، مستندا إلى إيمانه الدائم بأن الكلمة الحرة تبقى عنصر قوة مهما تبدلت الظروف.