السودان ومصر تطلقان شراكة استراتيجية لإعادة إعمار قطاع مياه الشرب المتضرر من الحرب

نشوة أحمد الطيب_مراسلين
في خطوة تعكس توجهاً عملياً لإعادة بناء ما دمرته الحرب وتعزيز مقومات الاستقرار الإنساني في السودان، تتجه الخرطوم والقاهرة نحو إطلاق شراكة استراتيجية لإعادة تأهيل قطاع مياه الشرب، أحد أكثر القطاعات تضرراً بفعل النزاع المسلح.
وتشير التقديرات الرسمية إلى تدمير نحو 32% من البنى التحتية لقطاع مياه الشرب، بما يشمل محطات الإنتاج وخطوط النقل وشبكات التوزيع، ما يشكّل خطراً مباشراً على الصحة العامة، في ظل ارتباط ما يقارب 80% من الأمراض بمصادر المياه وجودتها وسلامتها.
وفي هذا السياق، وبتوجيه من وزير الزراعة والري، البروفيسور عصمت قرشي، عُقد اجتماع مشترك ضم مدير عام وحدة مياه الشرب والصرف الصحي بالسودان، المهندس هشام الأمير يوسف، ونائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، الدكتور سيد إسماعيل، بمشاركة فرق فنية من الجانبين، لبحث حجم الأضرار ووضع برنامج متكامل لإعادة الإعمار.
وأوضح الاجتماع أن ولاية الخرطوم وحدها كانت تضم 13 محطة مياه نيلية تخدم نحو 8 ملايين مواطن قبل الحرب، بطاقة إنتاجية تجاوزت في بعض المحطات 280 ألف متر مكعب يومياً، إلا أن عدداً كبيراً منها تعرض للتوقف الكلي أو الجزئي، إلى جانب أضرار واسعة في أحواض الترسيب وخطوط الإمداد والأنظمة الكهربائية.
كما طالت الأضرار مصنع معدات مياه الشرب ومصنع المواد الكيميائية الخاصة بمعالجة المياه، ما أدى إلى نقص حاد في مركبات الكلور والبوليمر، ورفع كلفة الاعتماد على الاستيراد الخارجي، مع التأكيد على السعي العاجل لإعادة هذه المرافق إلى دائرة الإنتاج الوطني.
وفي محور بناء القدرات، ناقش الاجتماع إنشاء مدرسة فنية متخصصة لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في قطاع المياه، تحت رعاية الوزارة، لمعالجة النقص الكبير في الفنيين والعمالة الماهرة، وضمان استدامة تشغيل مرافق المياه خلال مرحلتي الطوارئ وإعادة الإعمار.
من جانبه، أكد الجانب المصري التزامه بتقديم الدعم الفني ونقل الخبرات في مجالات تصميم وتشغيل محطات المياه، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وبناء القدرات البشرية.
واتفق الطرفان على توقيع مذكرة تفاهم والشروع فوراً في إجراءات التنفيذ، إلى جانب تنظيم زيارة ميدانية لوفد فني متخصص لاستكمال الترتيبات، بما يعكس متانة العلاقات الثنائية ورغبة البلدين في تعزيز التعاون الاستراتيجي في قطاع حيوي يمس الأمن الإنساني مباشرة.
وتُمثّل هذه الشراكة محطة مفصلية في مسار إعادة الإعمار وتحسين ظروف المعيشة في السودان، وضمان توفير مياه شرب آمنة ومستدامة، باعتبار قطاع المياه أحد الركائز الأساسية للتعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.



