
بقلم – أميرة أسعد
التعمق في التفاصيل يفتح عقولنا ويقودنا إلى التفكير الإبداعي بعيدا عن الأفكار السطحية، ونحن نفتقد الآن إلى التعمق داخل أفكارنا وإلى الأحاديث التي تستمر إلى ساعات ونتأرجح ما بين سؤال و إجابة أكثر عمقا حتى نصل إلى أعماق أعماق النفس.
من أكثر من ١٥ سنة وفي بداية تدريبي في مجلة الشباب مؤسسة الاهرام تقابلت مع إحدى الكتاب المهمين بالنسبة لي فعندما رأتني لاول مره سألتني أنت أميرة اللي بتعملي حوارات مع الأساقفة بطريقة مختلفة فسألت نفسي هل هذا مدح أو ذم فردت بعدها برافو عليكي انت تقدمي هذه الحوارات بطريقة غير تقليدية تجعل كل القراء مسيحيين ومسلمين يريدوا أن يقرأونها.
واسترسل الحوار بينا لساعات طويلة شعرت وقتها ان كل شئ من حولي توقف ولن اسمع غير حوارنا معا وتبادل الآراء وقبول الرأي الاخر والشد والجذب في الحوار حول موضوعات واراء وافكار مختلفة خرجت من هذا اللقاء في قمة سعادتي اشعر انني اكتسبت شعور بالامتلاء الروحي وبالسعادة الداخلية غير موصوفة من اجمل جلساتي اتبادل اطراف الحديث بعمق مع شخص ويكون هناك عصف ذهني وتبادل اراء حتي وان اختلفنا في وجهات النظر فمازلنا سعداء بهذا اللقاء.
وتكررت هذه الاحاديث في اروقة الاهرام مع اشخاص وكتاب مختلفين ولكن الان كل شيء سريع عندما تود ان تجد معلومة تذهب الي جوجل فورا الذي يوصلك الي المعلومة التي تريدها دون التعمق في الأشياء اتذكر ايضا انه في نفس التوقيت عندما كنا نحضر لعمل حوار مع احدي المشاهير السياسيين او المدعين او ايا كان نذهب إلى أرشيف الاهرام ونذكر اسم الشخص الذي يبحث عنه موظف الارشيف ويعطيك الكثير من المجلدات ثم تبدأ في قراءة كل الحوارات والاخبار السابقة عن هذا الشخص .
أعرف ان الانترنت يقوم بهذا الدور ويجعل كل شئ اسهل واسرع ولكننا فقدنا شغف القراءة واصبح كل شئ نريده سريع فقدنا شغف المحادثات الطويلة العميقة التي تشبع النفس والروح واصبحنا نتأمل اكثر في السوشيال ميديا والفيديوهات السريعة التي بدورها اثرت علي مستوى تركيزنا للاسوأ.
نفتقد التعايش مع كتاب تقرأه بإمعان لتستفيد بكل كلمه فيه وتأخذ منه ما يفيدك من المعلومات اصبحنا نفتقد اشباع النفس والروح من كثرة السرعة في الحياة.