مقالات

نحن في إسبرطة، ونتنياهو وعائلته في وليمة رومانية


أمنون أبراموفيتش
16.09.2025 – N12

عندما عاد الفقيد مناحيم بيغن من كامب ديفيد، حيث التزم بإعادة سيناء بالكامل والتخلي عن مستوطنة يميت، صاح به الحاخام الراحل موشيه ليفنغر: لقد منحت الفلسطينيين حكماً ذاتياً كاملاً، والحكم الذاتي غير مذكور في التوراة! فرد عليه بيغن: حتى طائرات F-16 غير مذكورة في التوراة.
للتوضيح، كان ليفنغر مزيجاً من سموتريتش، بن غفير وعميحاي إلياهو.

أمس (الاثنين)، قال نتنياهو: إسرائيل ستكون إسبرطة، إسبرطة عظمى. لكن إسبرطة – لمن لا يعرف – عزلت نفسها، وحاربت حتى الفناء. خسرت آلاف القتلى والجرحى. أصبح سكانها فقراء، ومن استطاع منهم غادرها. تبنّت سياسة مَسِيانية، وسعت إلى “النصر المطلق”. وفي النهاية ضعفت وانهزمت.

نتنياهو بين الشعارات والواقع

نتنياهو يطالب الإسرائيليين بأن يكونوا “إسبرطيين”، لكنه يتصرف كملك روماني في وليمة. المواطن الإسبرطي كان مُلزماً بالعمل ولم يعرف أنظمة رفاهية ممولة من الدولة. لم تكن هناك إعانات بطالة أو مخصصات أطفال أو دعم للمدارس الدينية. كان على كل مواطن أن يخدم في الجيش حتى سن متقدمة. لم يكن هناك شيء اسمه التهرب من الخدمة.

لكن نتنياهو، الذي عُرف بتصريحاته الغريبة منذ 7 أكتوبر، بدا كأنه انفصل عن قوة الجاذبية الأرضية. قال: “نكون أو لا نكون”، وتحدث عن القتال بالأظافر (تعبير إسبرطي). كما قلّل من حجم الكارثة قائلاً: المحرقة كانت 7 أكتوبر مضروباً بـ 5000. وأضاف، بلهجة ساخرة ربما، أن مقاتلي العدو جاءوا “بالشبشب” – إرهاب الفقراء.

الحكم على الأفعال لا الأقوال

من الأفضل الحكم على القادة من خلال أفعالهم، لا أقوالهم. وأفعال نتنياهو واضحة:

  • رعاية حركة حماس وتمويلها.
  • الانقلاب القضائي الذي شطر المجتمع الإسرائيلي إلى نصفين.
  • تجاهل تحذيرات الاستخبارات (قال: فيها مبالغة).
  • إطالة أمد الحرب بلا نهاية، وتحويلها من حرب “محقّة للغاية” إلى حرب “سياسية للغاية”.
  • اللامبالاة بالجنود القتلى والجرحى، والاكتفاء بعبارات تعزية روتينية: “زوجتي وأنا…”.
  • والأخطر من كل ذلك: التخلي المتعمّد عن ملف الأسرى، وإفشال المفاوضات لإعادتهم.

إسبرطة للشعب.. وليمة للأسرة الحاكمة

أمس أُبلغنا أننا سنُعذَّب في “إسبرطة”، بينما هو وعائلته يتنعمون في “وليمة رومانية”. بلغة توراتية: “بقرات باشان”، اللواتي يظلمْنَ الفقراء ويسحقنَ البائسين، وقلن لأسيادهن: هاتوا لنشرب.

قبل ثلاث سنوات تقريباً، صيغ في القناة 12 الشعار: “عفو أو دولة”. بمعنى: إذا لم تمنحوني عفواً – فلن يكون لديكم دولة. ومنذ ذلك الحين تراكمت ملفات جديدة: تقرير ميرون، فضيحة “قطر غيت”، وفوقها جميعاً رسائل التحذير والتقرير المرحلي في قضية الغواصات – شبهات فساد شخصي في الأمن القومي.

الخلاصة

ورغم أنني أوصي بالتركيز على الأفعال لا الأقوال، فإنه لا يجوز أن تمر كلمات نتنياهو مرور الكرام. فوقعها وأضرارها – على علاقاتنا الخارجية، وعلى الأمل والتماسك الداخلي – لا يمكن قياسه.

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews