من الرصيف إلى متحف الذاكرة… زكريا الطيّان يعيد لوحتين نادرتين إلى حضن وزارة الثقافة

محمد سمير طحان – خاص مراسلين
دمشق – بين حشودٍ غاضبة تقتحم قصراً مهجوراً في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد، التقط المواطن السوري زكريا الطيّان لوحتين كانت الأقدام تدهسهما بلا وعي، ليبدأ بذلك حكاية أمانة وحس وطني لا يغريه المال، حتى كتب لها أن تكتمل داخل وزارة الثقافة السورية.
اللوحتان اللتان أنقذهما الطيّان من تحت الأقدام، حملتا توقيع اثنين من أبرز رموز الفن التشكيلي السوري: فاتح المدرس وعمر حمدي (مالڤا).
ومنذ تلك اللحظة أعلن الطيّان عبر صفحته على فيس بوك أنه يحتفظ بهما بانتظار التواصل مع الجهات الرسمية لضمان عودتهما إلى الدولة أصولاً.
وبعد أشهر ، تسلّمت وزارة الثقافة اللوحتين رسمياً في مكتب معاونة الوزير السيدة لونا رجب، بحضور الفنان التشكيلي عصام درويش الذي ساهم في إعادة التواصل بين المواطن والوزارة والتأكد من أصالة العملين.
يقول زكريا الطيّان في حديثه لمراسلين: “في ذلك اليوم التاريخي لم يكن هناك وعي لقيمة ما يُرمى على الأرض ، و لم أستطع أن أترك لوحتين تمثلان وجهاً من وجوه سورية الفنية تُهان هكذا ، فاحتفظت بهما كأمانة عندي إلى أن وجدت الطريق لإعادتهما إلى الدولة”.
الفنان التشكيلي عصام درويش الذي تابع القصة منذ بدايتها وكان له دوراً في التواصل مع وزارة الثقافة ، أوضح أن ما فعله الطيّان “يمثل جوهر الانتماء الوطني، ويعيد الاعتبار لأخلاقيات المواطن الذي يعي قيمة الإرث الفني ويحميه دون انتظار مكافأة”.
من جانبها، عبّرت معاونة وزير الثقافة السيدة لونا رجب عن تقديرها لهذه المبادرة الإنسانية، قائلة: “في مبادرة مؤثرة تدل على عمق انتماء السوري لبلده وعلى الأمانة والصدق، قام السيد زكريا الطيّان بتسليم لوحتي الفنانين الرائدين فاتح المدرس وعمر حمدي إلى مكتبي في وزارة الثقافة بعد أن أنقذهما من التلف يوم التحرير. وبالنيابة عن الوزارة أتوجه بالشكر الجزيل للسيد الطيّان على صدقه وأمانته، فهو يمثل قدوة لكل السوريين، وللفنان عصام درويش على أمانته العلمية وتعاونه في إنجاز هذه الخطوة”.
معاونة الوزير أوضحت أن اللوحتين ستخضعان للتسجيل والتوثيق ضمن مقتنياتها الوطنية حفاظاً على أصالتهما، مؤكدة أن هذه المبادرة الفردية تجسد صورة المواطن الذي يحمي ذاكرة وطنه حين تغيب المؤسسات مؤقتاً، فتستعيدها لاحقاً بفضل وعيه وإخلاصه.



