منتدى مصري – خليجي للتجارة والاستثمار يطلق آلية تشاور اقتصادية لتعزيز التكامل

عبدالله الحبابي – مراسلين
أطلق منتدى ضمّ مسؤولين وحشدًا من المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين من مصر ودول الخليج آلية تشاورٍ اقتصادية جديدة تهدف إلى وضع خارطة طريق عملية لتوسيع التبادل التجاري وتسريع تنفيذ الاستثمارات المشتركة في قطاعات استراتيجية. المبادرة، التي تم الإعلان عنها خلال فعاليات المنتدى في القاهرة، صممت لتكون إطارًا مؤسسيًا يربط بين صانعي القرار والفرق الفنية والمستثمرين لتقليص زمن اتخاذ القرار وتحويل الاتفاقات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ.
وحدّد منظمو المنتدى أولويات الآلية حول مجالات الطاقة، والصناعات التحويلية، والسياحة، والزراعة، والنقل واللوجستيات، والتقنية. ووفق ما أعلن عنه المشاركون، لن تقتصر الآلية على الاجتماعات السياسية رفيعة المستوى، بل ستتضمن فرق عمل فنية متخصصة تُعِدّ دراسات جدوى مشتركة، وتنسق آليات التمويل، وتعمل على تبسيط الإجراءات التنظيمية أمام مطوّري المشاريع.
تستند المبادرة إلى مؤشرات إيجابية في التبادل والاستثمار بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة: فقد بلغت قيمة التجارة بين مصر ودول الخليج نحو 167 مليار دولار في الفترة 2016 – 2023، بينما قُدّرت الاستثمارات الخليجية المباشرة في مصر بنحو 40 مليار دولار عام 2024، وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية وحدها ما يقرب من 16 مليار دولار في 2024، وفق بيانات قدمها منظمو المنتدى. واعتمد المشاركون هذه المؤشرات لتأكيد جدوى تسريع تنفيذ مشروعات تعود بعوائد تنموية سريعة.
من الناحية التنفيذية، طرحت مجموعات العمل ثلاث مبادرات ذات أولوية: إنشاء صندوق شراكة لتمويل المشاريع المتوسطة في البنية التحتية، منصة لتسوية المنازعات التجارية تسهّل إجراءات الاستثمار عبر الحدود، وبرنامج تسريع نموّ للشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجالات التكنولوجيا والزراعة الدقيقة. ويأمل القائمون أن تساهم هذه الأدوات في خفض المخاطر التأمينية والمالية التي تمثل عائقًا أمام استثمارات كبرى.
غير أن التحديات العملية لا تزال قائمة. فنجاح الآلية مرتبط بمدى قدرة الأطراف على التنسيق التنظيمي والحوكمة، وضمان آليات تمويلية طويلة الأمد، والالتزام بمعايير بيئية واجتماعية واضحة في مواقع المشاريع. كما أن تحويل النوايا إلى مشروعات فعلية يتطلب إطارات قانونية وإجرائية تسهل نقل الملكية، وتضمن مشاركة موردين ومقاولين محليين لتعميم المنافع الاقتصادية.
يرى محلّلون اقتصاديون أن إطلاق الآلية يمثل خطوة مهمة نحو تكامل اقتصادي إقليمي أكثر فاعلية، لكنه اختبار على قدرة المؤسسات العربية على تجاوز قصور البيروقراطية وتحويل اتفاقيات مبدئية إلى نتائج ملموسة. فإذا ما نجحت الفرق الفنية في إعداد ملفات جاهزة وجذب تمويل فعلي، فثمة فرصة حقيقية لتعزيز النمو وخلق فرص عمل واسعة، أما الفشل فسيُبقي التحوّل ضمن حدود البيانات السياسية وإعلانات النوايا.
يعود الحديث إلى جوهر المبادرة: ليست آلية التشاور مجرّد منصة للحوار، بل محاولة عملية لملء الفجوة بين الحديث عن التكامل الاقتصادي والانتقال إلى شراكات قابلة للحياة على أرض الواقع. وستكون النتائج الملموسة هي المقياس الحقيقي لنجاح هذه الخطوة، فإما أن تتحول إلى نموذج عمل عربي لتسريع التنمية أو تبقى طموحًا على ورق ما لم يتبع التنفيذ إجراءات واضحة وحوافز حقيقية.



