الرئيس الإيراني: إذا لم تمطر قريباً سنخلي العاصمة طهران

علي زم – مراسلين
طهران- في خضمّ تصاعد أزمة المياه في إيران، حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مساء الخميس 6 نوفمبر، خلال اجتماع لجنة التخطيط والتنمية في محافظة كردستان، من تفاقم الجفاف ونقص المياه في البلاد، مؤكدًا أن العاصمة طهران تواجه خطرًا غير مسبوق.
وقال بزشكيان: «إذا لم تهطل الأمطار حتى ديسمبر، فسيكون علينا تقنين المياه في طهران، وإذا استمر الجفاف، فلن يتبقى ماء، وسنضطر إلى إخلاء العاصمة».
وتأتي هذه التصريحات بعد أسابيع من تلميح الرئيس الإيراني إلى إمكانية “نقل العاصمة إلى جنوب شرق البلاد”، معتبرًا أن «مشكلة المياه في طهران لم تعد إدارية أو مؤقتة، بل هي تهديد وجودي». وأوضح آنذاك أن خيار نقل المراكز الحكومية إلى مناطق أكثر استقرارًا مائيًا، مثل محافظة مكران المطلة على بحر العرب قيد الدراسة.
ويُذكر أن الوضع المائي في طهران أُعلن رسميًا في «حالة حمراء»، بعد أن شهدت مستويات المياه في السدود تراجعًا غير مسبوق. وقال محسن أردكاني، المدير التنفيذي لشركة المياه والصرف الصحي في محافظة طهران، إن «مخزون المياه في سدود العاصمة وصل إلى أدنى مستوى له منذ ستين عامًا».
وأضاف أن معدلات الاستهلاك المرتفعة، مع الانخفاض الكبير في معدلات الأمطار، أدت إلى تراجع حاد في منسوب المياه الجوفية، مشيرًا إلى أن العاصمة «تستهلك ضعف ما تنتجه من موارد مائية متجددة».
من جانبه، أوضح مهدي مقصودي، مدير شؤون المياه في مدينة كرج، أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى نفاد المياه خلال أسبوعين فقط، مضيفًا: «إذا لم نشهد تغيرًا في أنماط الطقس أو هطول أمطار كافية، فسنواجه توقفًا شبه كامل في إمدادات المياه».
ويرى خبراء البيئة أن الأزمة الحالية في طهران ناتجة عن مزيج من التغير المناخي، وسوء إدارة الموارد المائية، والنمو السكاني السريع. وتشير دراسات محلية إلى أن السياسات الزراعية غير المستدامة، مثل زراعة محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه في مناطق قاحلة، وسحب المياه الجوفية بشكل مفرط، ساهمت في تفاقم الأزمة.
وفي هذا السياق، قال خبير الموارد المائية الإيراني، الدكتور علي رضا شفيعي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية: «المشكلة لا تقتصر على قلة الأمطار، بل على غياب رؤية استراتيجية لإدارة المياه. لقد بنينا مدنًا ضخمة في مناطق لا تتحمل الكثافة السكانية الحالية».
ويحذر محللون من أن طهران، التي تضم أكثر من 14 ملیون نسمة، تقف على أعتاب أزمة إنسانية إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة تشمل تقنين المياه، وإعادة هيكلة سياسات الزراعة والاستهلاك، وتطوير شبكات إعادة التدوير المائي.
وتعكس تحذيرات بزشكيان مدى عمق التحدي البيئي الذي تواجهه إيران، في وقت يرى فيه مراقبون أن أزمة المياه قد تتحول قريبًا إلى أزمة اقتصادية واجتماعية تهدد الاستقرار الداخلي إذا استمر الوضع على ما هو عليه.



