أخباررياضة

محمد صلاح بين المجد الكروي وتراجع الرصيد الجماهيري

أبوبكر إبراهيم اوغلو

واصل النجم المصري محمد صلاح، جناح ليفربول الإنجليزي، كتابة اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن توج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا لعام 2025 المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين (PFA). هذا الإنجاز جاء تتويجًا لموسم استثنائي قاد فيه فريقه إلى إحراز لقب “البريميرليغ” للمرة العشرين في تاريخه، معادلًا الرقم القياسي لمانشستر يونايتد.

لكن خلف هذا المجد الكروي، يطفو على السطح جدل واسع حول صورة صلاح خارج الملعب، خاصة بعد الانتقادات التي طالت مواقفه إزاء الحرب على غزة، والتي أفقدته – بحسب كثيرين – جزءًا من رصيده الشعبي في العالم العربي.


موسم استثنائي بالأرقام

قدّم صلاح موسمًا يُصنَّف ضمن الأفضل في مسيرته:

  • سجل 27 هدفًا في الدوري الإنجليزي الممتاز، متصدرًا قائمة الهدافين.
  • قدّم 11 تمريرة حاسمة، ليكون الأكثر مساهمة بالأهداف (38 مساهمة مباشرة).
  • شارك في 35 مباراة، وحافظ على معدل تهديفي ثابت طوال الموسم.
  • سجّل في 10 مباريات متتالية، وهي أطول سلسلة تهديفية في الدوري هذا العام.

ورغم المنافسة القوية من أسماء بارزة مثل السويدي ألكسندر إيزاك (نيوكاسل)، كول بالمر (تشيلسي)، برونو فيرنانديز (مانشستر يونايتد) وديكلان رايس (أرسنال)، حسم صلاح السباق بفضل قدرته على الحسم في اللحظات الحرجة، إذ جاءت نصف أهدافه تقريبًا في مباريات انتهت بفارق هدف واحد.


إنجاز غير مسبوق

بفوزه هذا العام، أصبح محمد صلاح أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يتوج بجائزة رابطة اللاعبين المحترفين ثلاث مرات (2018، 2022، 2025).
كما رفع رصيده التهديفي في البطولة إلى 171 هدفًا، متجاوزًا أسطورة أرسنال تييري هنري، ليقترب أكثر من قائمة الهدافين التاريخيين للبريميرليغ.

هذا الإنجاز عزز مكانته كواحد من أبرز اللاعبين الذين مروا على ملاعب إنجلترا، وجعل اسمه حاضرًا في مقارنات مع أساطير مثل كريستيانو رونالدو ورايان غيغز.


بصمة ليفربول في تشكيلة العام

لم يكن حضور صلاح فرديًا، إذ اختارت رابطة اللاعبين المحترفين إلى جانبه ثلاثة من زملائه في ليفربول ضمن تشكيلة العام:

  • الهولندي فيرجيل فان دايك.
  • الهولندي راين غرافنبرخ.
  • الأرجنتيني أليكسيس ماك أليستر.

كما ضمت التشكيلة المجري ميلوش كيركيز (ليفربول)، وثلاثي أرسنال ويليام ساليبا، غابرييل ماغالهايس وديكلان رايس، إضافة إلى الحارس البلجيكي ماتس سيلز والنيوزيلندي كريس وود (نوتنغهام فوريست)، والمهاجم السويدي ألكسندر إيزاك (نيوكاسل).


صورة النجم خارج الملعب.. جدل غزة

ورغم هذا النجاح الرياضي الباهر، تراجعت صورة محمد صلاح في الشارع العربي خلال العامين الماضيين، على خلفية موقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة.

  • منذ أكتوبر 2023، وُجّهت له انتقادات حادة بسبب ما اعتُبر تأخرًا أو تحفظًا في إعلان موقف واضح.
  • الفيديو الذي نشره حينها، ودعا فيه إلى “وقف القتل وإيصال المساعدات الإنسانية”، قوبل ببرود شديد، واعتُبر غير كافٍ ولا يليق بنجم يملك ملايين المتابعين حول العالم.
  • بالمقارنة مع لاعبين عرب آخرين، خصوصًا من المغرب والجزائر، الذين أبدوا دعمًا صريحًا لفلسطين، بدا موقف صلاح أقرب إلى الحياد.

هذا الجدل انعكس على شعبيته:

  • في العالم العربي: لم يفقد صلاح جماهيريته بالكامل، لكنه خسر جزءًا من رصيده الرمزي، إذ لم يعد يُنظر إليه كقدوة أخلاقية كما كان الحال في سنوات 2018–2021.
  • في أوروبا: لم يتأثر رصيده الجماهيري، بل ربما ساهم تحفظه في الحفاظ على علاقاته مع الأندية والرعاة.
  • في مصر: ما زال النجم الأول، لكن النقد بات حاضرًا بقوة في الإعلام والدوائر الثقافية.

بين المجد والجدل

محمد صلاح يقف اليوم في مفترق طرق:

  • رياضيًا: أسطورة عربية عالمية تواصل كتابة التاريخ بأقدامها في أقوى دوري بالعالم.
  • شعبيًا: لاعب فقد جزءًا من بريقه خارج الملاعب نتيجة حسابات سياسية وشخصية، جعلت إنجازه الرياضي محاطًا بجدل إنساني وأخلاقي.

وبينما يتفق الجميع على أنه أحد أعظم اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي، يبقى السؤال: هل يستطيع محمد صلاح أن يستعيد رصيده الشعبي العربي، أم أن مجده سيظل محصورًا في الملاعب فقط؟

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews