إلقاء رؤوس خنازير على قبور مسلمين غرب سيدني ..والتحقيقات تكشف هوية منفذ هجوم بوندي

نور بك ـ مراسلين
أثار عملٌ وُصف بالانتقامي ومشحون بالكراهية موجة استنكار واسعة في أستراليا، بعد إلقاء رؤوس خنازير على قبور مسلمين في مقبرة Narellan بمنطقة كامدن، غرب سيدني، وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي استهدف شاطئ بوندي.
وأدان أحمد حرايشي، أحد أبرز متعهدي دفن الموتى المسلمين في سيدني، هذا التصرف بشدة، واصفًا إياه بأنه “عبثي وبغيض”، ولا يخدم سوى نشر الكراهية وتعميق الانقسام داخل المجتمع.
وقال حرايشي موجّهًا حديثه لمن يقف خلف الحادثة: “لم تُثبت شيئًا سوى الكراهية. أنت لست حلًا لأي مشكلة، بل جزءٌ منها”.
وأضاف: “هذا غباء محض، لا يحقق شيئًا سوى تأجيج الغضب والألم والانقسام. لسنا بحاجة إلى مزيد من الأفعال الجبانة التي تزرع الحقد”.
وأكد أن الأشخاص المدفونين في تلك القبور “فارقوا الحياة قبل وقت طويل من أحداث بوندي، ولا علاقة لهم إطلاقًا بما جرى”، مشددًا على أن “القبور أماكن للراحة والكرامة والاحترام، بغض النظر عن الدين أو الخلفية”.
وختم بالقول: “إن كنتم تبحثون عن السلام، فهذه ليست الطريقة. وإن كنتم تدّعون السعي للعدالة، فهذه ليست الطريقة أيضًا. ما تفعلونه لا يُظهر سوى انعدام الإنسانية”.
ويأتي هذا الحادث في وقتٍ أعلن فيه قادة مسلمون في سيدني رفضهم القاطع استلام جثث منفذي هجوم شاطئ بوندي أو إقامة مراسم دفن لهم، مؤكدين أن أفعالهم لا تمتّ للإسلام بأي صلة.
وكان الهجوم قد أسفر عن مقتل 16 شخصًا، بينهم أحد المسلحين، وإصابة العشرات، بينهم أطفال، في واحدة من أعنف الهجمات التي شهدتها أستراليا في السنوات الأخيرة.
من جانبه، أكد الدكتور جمال ريفي، أحد أبرز قادة الجالية المسلمة في سيدني، أن المجتمع الإسلامي “يرفض بشكل قاطع” ما قام به منفذا الهجوم، مشددًا على أن “قتل المدنيين الأبرياء محرّم، ويُعد جريمة بحق الإنسانية جمعاء”.
وأضاف: “كما فعلنا في أحداث سابقة، لن نستقبل جثث هؤلاء، ولن تُقام لهم طقوس دفن إسلامية، ولن يُدفنوا في أي مقبرة مخصصة للمسلمين”.
بدوره، أعرب الشيخ آدم إسماعيل، مدير معهد المراد والمعلم السابق لأحد المنفذين، عن صدمته الشديدة مما جرى، مؤكدًا أن الهجوم “لا يمثل تعاليم الإسلام ولا قيمه”.
كما أدان المجلس الوطني للأئمة الأستراليين الهجوم، داعيًا جميع الأستراليين إلى الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة الكراهية، وتعزيز قيم الوحدة والتضامن في هذه اللحظة المؤلمة.

منفذ الهجوم كان معروفاً لجهاز الاستخبارات
من جهة أخرى كشفت تحقيقات أمنية أن منفذ هجوم شاطئ بوندي كان معروفًا لدى جهاز الاستخبارات الأسترالي (ASIO)، مع الاشتباه بوجود اتصالات وتأثر بأفكار تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ سنوات، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية.
وبحسب التقارير، فتح جهاز الاستخبارات تحقيقًا مع نويد أكرم عقب اعتقال عنصر مرتبط بالتنظيم في وقت سابق، في إطار متابعة أمنية بدأت منذ عام 2019. وتأتي هذه التطورات بعد الهجوم المسلح الذي وقع خلال احتفالات عيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي بعد ظهر الأحد، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصًا وإصابة 42 آخرين، بينهم خمسة في حالة حرجة.
وأُلقي القبض على نويد أكرم في موقع الهجوم، حيث نُقل إلى المستشفى وهو يخضع لحراسة مشددة، وتوصف حالته بالحرجة لكنها مستقرة بعد إصابته برصاص الشرطة. في المقابل، قُتل والده ساجد أكرم خلال تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن.
وأفادت هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC) بأن محققي فريق مكافحة الإرهاب المشترك (JCTT) يشتبهون في أن الأب والابن أعلنا مبايعتهما لتنظيم “الدولة الإسلامية” قبل تنفيذ الهجوم. كما نقل عن مسؤول رفيع في الفريق، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه عُثر داخل سيارتهما على علم يُشبه علم التنظيم، وسط تقارير عن العثور على “راية سوداء” قرب موقع الحادث.
ووفق مصادر أمنية، يعود اهتمام جهاز الأمن الأسترالي بنويد أكرم إلى عام 2019، عقب إحباط الشرطة مخططًا إرهابيًا في سيدني مرتبطًا بالتنظيم. وبدأت مراقبته بعد اعتقال إسحاق المطري في يوليو من ذلك العام، والذي أُدين لاحقًا بجرائم تتعلق بالتخطيط لتمرد، ومحاولات تجنيد، والسعي للحصول على أسلحة نارية، إضافة إلى تلقي تدريبات وخطابات تمهيدية لسفر محتمل إلى أفغانستان، ويقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات.
كما تشير المعلومات إلى أن نويد أكرم عاد إلى أستراليا عام 2018 بعد قضائه تسعة أشهر في السجن خارج البلاد، إثر محاولته الانضمام إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، مع وجود صلات مزعومة بينه وبين المطري وأفراد آخرين في خلية مرتبطة بالتنظيم، أُدين عدد منهم لاحقًا بتهم إرهابية.
من جهته، أكد المدير العام لجهاز الأمن الأسترالي، مايك بورغيس، أن أحد منفذي هجوم بوندي كان معروفًا لدى الجهاز، دون تحديد هويته، موضحًا أنه لم يكن مصنّفًا كتهديد مباشر في ذلك الوقت، ما يستدعي مراجعة شاملة للظروف التي سبقت الهجوم.
وتعتقد السلطات أن المنفذين تصرفا بشكل منفرد ومن دون ارتباط تنظيمي مباشر بالتنظيم، رغم الاشتباه بتأثرهما بأفكاره، مؤكدةً عدم وجود ملاحقات بحق مشتبهين آخرين في الوقت الراهن.
ويواصل فريق مكافحة الإرهاب المشترك تحقيقاته لكشف ملابسات الهجوم وأي صلات محتملة بشبكات متطرفة أوسع، بالتزامن مع اجتماع مرتقب للجنة الأمن القومي برئاسة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز للاطلاع على آخر المستجدات.



