أخبارتقارير و تحقيقاتسلايدرمصر

كم عدد الجنود المصريين في السودان؟..وماهو مصيرهم؟.. ولماذا تتخذ “الدعم السريع” منهم كبش فداء لها في حربها مع الجيش السوداني

محمد الليثي – شبكة مراسلين

أسئلة كثيرة تدور في عقل المواطن المصري، الذي فوجئ بأسر عدد غير قليل من الجنود المصريين، من قبل قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في مواجهة الجيش السوداني، ليسيطر أول سؤال على عقل المواطن المصري: ” لماذا تجعل “الدعم السريع” من الجنود المصريين كبش فداء لهم، وتصر على أسرهم وعدم تسليمهم لمصر رغم تصريحات حميدتي بأنهم في الحفظ والصون وسيتم تسليمهم في الوقت المناسب؟ وماهو هذا الوقت المناسب لكي يعود الجنود المصريون لوطنهم بعيدا عن هذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل”.

يأتي ذلك في الوقت الذي صرح فيه مصدر عسكري مسئول بالجيش السوداني، اليوم الأحد ، بأن قوات الدعم السريع فرت من مطار مروي، بسيارات حربية على متنها الأسرى المصريين”.

وكان قائد قوات الدعم السريع، حميدتي، قد صرح بأن طائرات أجنبية تشن غارات على قواته في بورتسودان، محذرا من خطورة التدخل الأجنبي، في الحرب الدائرة بالسودان، في الوقت الذي اعتبرت فيه قوات الدعم السريع التواجد المصري في مطار مروي بالاحتلال المصري للسودان، بحسب ما نشر في تصريحات رسمية.

لتجد مصر نفسها مع اندلاع الاشتباكات المسلحة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في دائرة الصراع، وأبنائها مهددون، في ظل استمرار احتجاز عدد كبير من الضباط والجنود المصريين الموجودين .

لماذا يتواجد الضباط والجنود المصريين في السودان؟

يتواجد الضباط والجنود المصريون في السودان ضمن تدريبات مشتركة مع الجيش السوداني.

وتحتضن القاعدة الجوية في مروي (شمالي السودان) تدريبات عسكرية ومناورات جوية مشتركة بين الجيشين السوداني والمصري، بدأت في مارس 2021 تحت اسم (نسور النيل 2) وجرت بمشاركة مجموعات من القوات الجوية وقوات الصاعقة من البلدين.

وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية حينئذ إن التدريب يهدف إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من ناحية التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية القوات واستعدادها لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف المختلفة.

وتمثل المدينة الواقعة على بعد 350 كلم شمال العاصمة الخرطوم ثقلا أمنيا واستراتيجيا، وتضم مطارا عسكريا وآخر مدنيا، وفيها قاعدة جوية، ويغطي مطارها العمليات الجوية في شمال السودان وشرقه وغربه، ويعدّ قاعدة جوية مساندة بديلة للقواعد العسكرية الأخرى في البلاد وللمطار العسكري الأول في الخرطوم.

إلا أن خبراء عسكريون ومحللون يؤكدن أن التواجد المصري في السودان بعد انتهاء هذه المناورات، كان له أهداف متعددة، يأتي على رأسها رغبة مصر في وضع أحد أقدامها في السودان التي تعد الظهير الأمني لها، فضلا عن التنسيق المصري مع جيش السودان بقيادة عبد الفتاح البرهان، في حفظ النظام ممثلا في الجيش بالسودان، بالإضافة إلى توجيه رسائل لأثيوبيا بأن الجيش المصري قريب من أديس أبابا، ويستطيع أن يصل إليه في أي وقت، في ظل استمرار أزمة سد النهضة.

ماهو مصير الجنود المصريين؟ ولماذا يصر حميدتي على عدم تسليمهم؟

يقول الخبير في الشأن السوداني، عبد الرحمن علي، أن إصرار قوات الدعم السريع على أسر مجموعة من الجنود المصريين، كان مخطط له بعناية، من قبل حميدتي، من أجل تحييد مصر تماما في هذه المعركة، في ظل معرفة حميدتي بإمكانية التدخل المصري لترجيح كفة جيش البرهان، نظرا للعلاقات المستمرة بين البلدين.

وأشار الخبير في الشأن السوداني عبد الرحمن علي، في تصريحات خاصة لشبكة “مراسلين”، اليوم الأحد، مشيرا إلى أنه بالرغم من تصريحات حميدتي بالحفاظ على أرواح الجنود المصريين، إلا أنه يصر على استمرار أسرهم، والانتقال بهم من مكان لمكان، وعدن تسليمهم لمصر، في محاولة لجعلهم كبش فداء له أو ورقة رابحة يستغلها في التفاوض مع الجيش السوداني الذي يعرف أن النظام المصري له كلمة الفصل في السيطرة عليه، وأن الجيش السوداني يستمد قوته منه

ففي أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع السودانية على القاعدة العسكرية، نشرت مقطعا مصورا على حسابها في تويتر قالت إنه لجنود مصريين “استسلموا” لها في القاعدة العسكرية كانوا ضمن كتيبة من الجيش والقوات المصرية، بالرغم من أن كل كل الشواهد أكدت أن قوات الدعم السريع كانت تخطط لأسر الجنود المصريين كورقة رابحة للضغط من خلالهم على مصر.

وبالرغم من أن وجود الجيش المصري، حسب بيان القوات المسلحة، يقتصر على التدريبات والمناورات المشتركة مع نظيره السوداني، إلا أن حميدتي وبالرغم من تصريحاته بالحفاظ على سلامتهم، اعتبرهم قوات احتلال.

كم هو عدد الجنود والضباط المصريين في السودان؟

أصدرت القوات المسلحة المصرية بيانا، طالبت فيه قوات الدعم السريع بالحفاظ على أرواح الجنود المصريين، وحملتهم مسئولية أمنهم، وأهابت بهم بأن يتعاملوا معهم وفق القانون كونهم جنود كانوا يعملون ضمن تدريبات مشتركة في السودان.

لكن القوات المسلحة المصرية في بيان متحدثها العسكري، لم تكشف عن عدد هؤلاء الضباط والجنود الذين احتُجزوا. وأهاب الجيش المصري -في بيان على فيسبوك- بالحفاظ على أمن قواته هناك وسلامتها.

وأثار المقطع المصور ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بالتزامن مع إجراء القاهرة اتصالات إقليمية ودولية مكثفة لاحتواء الأزمة التي تهدد استقرار جارها التاريخي.

وردت قوات الدعم السريع على صفحتها بموقع تويتر “رسالتنا لإخواننا المصريين: أولادكم في الحفظ والصون وفي مكان آمن، ومستعدون لتسليمهم للحكومة المصرية”، مشيرة إلى أن “الكتيبة المصرية لا تعدّ عدوا وسلمت نفسها دون مقاومة”.

وأكد حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، أن الجنود المصريين في قاعدة مروي بأمان وأن قوات الدعم السريع مستعدة للتعاون مع مصر لتسهيل عودتهم، إلا أنه حتى الآن يرفض تسليمهم.

كيف ستتصرف مصر؟

يقولون خبراء ومحللون، إن مصر يقع على عاتقها التدخل للتسوية بين الأطراف المتصارعة في السودان رغم رفض بعض القوى لأي دور مصري.

ويستبعد اللواء محمود منير حامد، المحلل العسكري وعضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية، في تصريحات لقناة “الجزيرة” أن يهدف إظهار الجنود المصريين في المقطع المصوّر إلى توريط مصر في النزاع الدائر.

ويقول حامد إن “قوات الدعم السريع أخطأت عندما تعاملت مع الجنود المصريين في قاعدة مروي ضمن مهمة تتعلق بإجراء مناورات وتدريبات مشتركة بالشكل الذي رأيناه، ولا يمكن المساس بهم بأي حال من الأحوال”، وهو ما أكده حميدتي لاحقا.

وبشأن حجم دور القوات المصرية وطبيعته في السودان، يوضح حامد أنه لا توجد قوات مسلحة مصرية بالمعنى العسكري المعروف، ولكن هناك تعاونا بين الجيشين المصري والسوداني من خلال تدريبات ومناورات مشتركة بأعداد محدودة ولمدة معينة في مهمة محددة، وتنفذ على نحو رسمي.

ويؤكد المحلل العسكري أن مصر تقف على الحياد من الأزمة في السودان، ولكن تقع على عاتقها مهمة العمل على إزالة الخلافات الموجودة والوصول إلى تسوية مقبولة وتجنب التصعيد العسكري، والدعوة للجلوس والتفاوض والتوافق حيث إن بعض القوى السودانية لا تقبل بدور مصري أكبر من ذلك.

وفي تقديره لأسباب الأزمة، يرى حامد أن الصدام المسلح في السودان هو نتيجة تراكم خلافات كبيرة وجوهرية بين القوتين بسبب عدم الوصول إلى توافقات تعلي المصلحة الوطنية فوق أي مصلحة أخرى، محذرا من تدهور الوضع الأمني إذا لم تُتدارك الخلافات وتوجد حلول مناسبة يتنازل فيها كل طرف مقابل إنهاء الصراع.

ويعتقد أن الأمن القومي المصري مرتبط تماما باستقرار السودان وبين البلدين مصالح وقضايا مشتركة بحكم البعد الجغرافي والتاريخي المشترك، “لذلك من المهم أن يعمّ الاستقرار الأراضي السودانية، وهذا لن يتحقق إلا بتوافق القوى الوطنية حول قواسم مشتركة”.

تحرك رسمي


من ناحية أخرى، وعلى الصعيد الرسمي، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني وإعلاء المصالح العليا للشعب السوداني، معربا عن قلق مصر البالغ من التطورات في السودان.

وأكد السيسي، في اتصال هاتفي مع السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وجود تداعيات سلبية للصراع المسلح على استقرار السودان الذي يمر بلحظة تاريخية دقيقة تستدعي أقصى درجات الحكمة وضبط النفس.

وإقليميا، دعت كل من مصر والسعودية إلى عقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين بجامعة الدول العربية لمناقشة الوضع في السودان، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.

ورأى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبو زيد أن التطورات المتلاحقة والخطيرة في السودان تقتضي عقد هذا الاجتماع للتشاور والتنسيق بين الدول العربية وبحث سبل نزع فتيل الأزمة الراهنة، والعمل على استعادة الاستقرار في أسرع وقت.

وبرأي الأمين المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية السفير أحمد حجاج، فإن التطورات الخطيرة في السودان “تستدعي من مصر القيام بدورها التاريخي في محاولة وقف التصعيد العسكري بلا تحيز إلى طرف دون آخر، وهو ما يتضح من خلال اتصال الأمين العام للأمم المتحدة بالرئيس السيسي طالبا استخدام مصر نفوذها وعلاقاتها لعودة الهدوء هناك”.

ويضيف “لا أعتقد أن في وسع أي دولة أو طرف دولي التدخل في السودان عسكريا؛ فهو بلد كبير ومتعدد الأعراق والديانات، وما حدث كان مفاجئا خاصة أن الفرقاء هناك كانوا على وشك توقيع اتفاق مصالحة يضمن الاستقرار السياسي والعودة إلى الحكم المدني”. وبرأيه “يبدو أن هناك أطرافا خارجية لا تريد ذلك” دون تسميتها.

ويعتقد حجاج أن إنجاح الملفات والقضايا المشتركة بين القاهرة والخرطوم مرهون بوجود سودان مستقر سياسيا واقتصاديا، وعلى رأسها ملف سد النهضة.

ويقول إن “انحراف السودان عن خط التوافق بهذا الشكل الحاد والمفاجئ كان غير متوقع”، مشيرا إلى أن وضع المصريين في السودان لا يدعو للقلق بمن فيهم الجنود المشاركون في عمليات تدريب ومناورات عسكرية، وهو ما تعهدت به جميع الأطراف هناك.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews