إمداد جوي يعيد نبض القتال إلى الفرقة 22 في بابنوسة

ممدوح ساتي -مراسلين
في تطور ميداني لافت، نفذ سلاح الجو السوداني صباح يوم الأربعاء الثامن من أكتوبر عملية إمداد جوي دقيقة لدعم مواقع الفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة، إحدى النقاط العسكرية الأكثر عزلة في غرب كردفان، وسط حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع على الطرق المؤدية إليها منذ أسابيع.
العملية، التي شاركت فيها طائرات نقل عسكرية من طراز «أنتونوف» و«كاسا»، جرت على ارتفاع منخفض لتفادي نيران مضادات الطيران، وأسفرت عن وصول كامل الشحنات المرسلة إلى داخل نطاق الفرقة، وتشمل ذخائر، مواد غذائية، وأجهزة اتصال ميداني متطورة.
بابنوسة.. عقدة الميدان
تقع بابنوسة عند مفترق طرق يربط شمال كردفان بغربها، وتشكل نقطة ربط حيوية بين مناطق الخوي والمجلد وهبيلا. موقعها جعلها هدفاً استراتيجياً للطرفين، فالسيطرة عليها تعني فتح ممرٍّ بري واسع نحو دارفور، أو إغلاقه تماماً.
خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت محاولات الدعم السريع لقطع الإمدادات عن المدينة باستخدام وحدات سريعة الحركة ومدافع بعيدة المدى، إلا أن الجيش لجأ إلى خيار الإمداد الجوي التكتيكي كخطة بديلة، في إشارة إلى قدرته على التكيّف مع جغرافيا الحرب المتحركة.
قراءة عسكرية
يرى محللون أن نجاح العملية في بابنوسة يمثل تحولاً في ميزان الإمداد الميداني، إذ مكّن الجيش من تجاوز واحدة من أعقد معضلاته اللوجستية، وأعاد تأكيد حضوره في ولايات كردفان التي تشكل العمق الغربي لمنظومته الدفاعية.
يشير خبراء عسكريون إلى أن الجيش يستخدم منذ أشهر تكتيكات الإمداد الجوي لتأمين وحداته في مناطق محاصرة مثل الفاشر والدبيبات والنهود، لكن تنفيذها في بابنوسة يحمل رمزية خاصة، لكونها نقطة التقاء بين خطوط النار من الغرب والجنوب.

بين المعركة والمدينة
داخل بابنوسة، عاش السكان ساعات طويلة من الترقب بينما كانت الطائرات تحلق على ارتفاع منخفض.
بعضهم شاهد صناديق الإمداد تهبط بالمظلات وسط الصحراء الغربية للمدينة، فيما تحدث آخرون عن موجة ارتياح واضحة بعد أسابيع من العزلة ونقص الإمدادات.
ومع أن القتال لا يزال محتدماً في محيط المدينة، فإن نجاح العملية أعاد الثقة إلى صفوف القوات الميدانية، وأرسل إشارة بأن الجيش ما زال قادراً على الوصول إلى جنوده في أكثر النقاط حصاراً، مهما كانت الظروف الجوية أو العسكرية.
تكشف عملية بابنوسة عن مرحلة جديدة في حرب الإمداد والسيطرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ففي حين تراهن الأخيرة على إنهاك الوحدات المعزولة وقطع خطوط الإمداد البرية، يبدو أن الجيش يطور آلية مواجهة مغايرة، تعتمد على المرونة الجوية وتعدد مسارات الإمداد بدل التمركز الثابت.
وتأتي العملية في وقت تتسع فيه رقعة المعارك من كردفان إلى تخوم دارفور، ما يجعل بابنوسة أشبه بـ نقطة مفصلية في خريطة الصراع ، مدينة تختبر فيها القوات المسلحة قدرتها على الجمع بين البقاء والمبادرة، وسط حرب تتغير خرائطها كل يوم.