خالد كامل يكتب لـ«شبكة مراسلين»:حميدتي ينقلب على جيش السودان في رسالة موجهة إلى مصر

الأحداث الجارية في السودان الشقيق الآن هي شيء يرثى له، إذ أن الصراع الحاصل هو بداية و بوادر لحرب أهلية بين المركز و هو العاصمة و بين الأطراف و هي الولايات، و هذا من تخطيط النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و لا يخفى ذلك على طفل متابع في المرحلة الابتدائية، و كذلك فإن الأيادي الخفية للماسونية العالمية هي التي تدير و تهندس هذه الاشتباكات و أي صراعات دولية أخرى في أي من أقاليم الدولة و بقاع الأرض المختلفة.
و حتى نكون منصفين، فإن الماسونية العالمية لا تفرق بين مسلم و غيره من الديانات الأخرى، إلا أن تنحية العنصر المتماسك المترابط هو هدفها الأول المرحلي حالياً، و هذا العنصر هم المسلمون الذين يجمعهم دين واحد و حضارة واحدة، و في القلب منهم و أهمهم طبعاً المسلمون العرب، ذوي اللغة و الأرض و الحضارة و التاريخ و الدين الواحد، فهم يشكلون قومية عصية على التفكيك من وجهة نظر الدراسات الإنسانية و الديموغرافية، و لذلك كانوا هم الهدف الأول للنظام العالمي من احتلال أرضهم و تشتيت ثقافتهم و تغيير أفكارهم و معتقداتهم و نهب ثرواتهم و التقليل من شأن مقدساتهم و تحريف عقول مواطنيهم، حتى يتم تكوين ما يعرف بدولة بني صهيون الكبرى، من النيل إلى الفرات كما يرمز إليها العلم الخاص بالكيان الصهيوني الغاصب المحتل لدولة فلسطين العربية، بخطيه العلوي و السفلي.
و إذا حللنا أحداث السودان منذ سنوات قليلة، و بالتحديد عند بدء محاولات تقسيمه و التي انتهت بدولتين، إحداهما جنوب السودان و الأخرى السودان، فنجد أن دولة جنوب السودان تكونت من مكون أفريقي إثني غالبه مسيحي، فكانت دولة على أساس ديني إثني أكثر منه على أساس سياسي أو قومي، ثم بقيت دولة السودان و غالب مكونها العرب المسلمون، و لأن ذلك لا يروق النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فكانت المؤامرات ضد السودان العربي المسلم لمقصد و ليس لذاتها مقصداً، فمقصد هذه الصراعات حتى تكون الحقيقة واضحة جلية، هو مصر و وحدتها.
و لعل أحدكم يقول بأن خيالي واسع، و لكن هذه هي الحقيقة، فمصر هي الدولة الوحيدة التي ما زالت متماسكة موحدة مترابطة حتى الآن و الحمد لله، فليس ثمة فيها جيش منقسم و لا حكومة انفصالية و لا حكومة مركزية و أخرى لا مركزية، بل دولة واحدة، و لذا ينبغي تغيير هذا الوضع من وجهة نظر الاحتلال العالمي الحالي المدعو بالنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، و إن أظهروا النية الحسنة و التحالف مع مصر، إلا أن القيادة السياسية و أجهزة الدولة المصرية و حكومتها لا يخفى عليها ذلك بالطبع.

نعود إلى لماذا استعرت الأحداث في السودان؟!
لأن الهدف الأساسي هو مصر، و لعلك تلحظ أنه منذ أكثر من عشر سنوات مضت على أحداث ما يعرف بالربيع العربي، و فشله في مصر و العالم لا يهدأ له بال، و حاول النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تأجيج مناطق الصراع على حدود مصر الغربية من ناحية ليبيا، فتمكن منها بحلف الناتو، و الذي هو الآن يرتع في أرض و خيرات و ينهب ثروات ليبيا بسرعة الصاروخ، تحسباً لتغير سريع في الأحداث، و لكن الناتو لن يترك ليبيا قبل عقدين مقبلين من الزمان، و ستذكرون ما أقول لكم الآن عندما يحدث ذلك، فأصبحت حدود مصر الغربية تحت السيطرة، و هناك العراق تحت السيطرة، ثم أصبحت سوريا و الشام كله تحت السيطرة الأمريكية الروسية بالتعاون ضد كل ما من شأنه يصب في مصلحة استقرار الأوضاع في مصر و حدودها.
ثم لما كانت الأمور هادئة نوعاً ما بعد أحداث خلع الرئيس السوداني عمر البشير في 2019، كان لزاماً أن يفتح النظام العالمي ثغرة كبيرة مؤثرة في زعزعة الاستقرار في حدود مصر الجنوبية، حتى تكون محاصرة من كل الأطراف، لتكون لقمة سائغة و بين فكي السبع و دفتي الرحا، و تنفذ كل ما يطلب منها في دعم الصهيونية العالمية و ترك دور الشقيقة الكبرى لكل الدول العربية و بالأخص منها فلسطين، حتى تظل في هدوء مشروط بموافقتها كل الخطط الصهيونية العالمية، و إلا فإن الويل و الثبور و التقسيم ينتظرها.
لكن كان ضرورياً و لا بد من أن تفطن القيادة السياسية المصرية لذلك، و قد كان، حيث احتوت الفرقاء السياسيين السودانيين مع مجلس السيادة السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و كذا رعاية اتفاق جوبا و الإشراف على استقرار الأوضاع و استمرارها هادئة بين الجيش الوطني السوداني و بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، و لكن الأخير لأنه يعمل بفكر التاجر، حيث أنه تاجر جمال و مواشي كبير، و ليس له علاقة بالعسكرية مطلقاً، بل إن أصوله من غرب أفريقيا من تشاد، فقد حاول السيطرة على ولايات سودانية كاملة بدعوى استقرار الأوضاع، و يعلم كل السودان أنه مدعوم و قواته تسلح من قبل دول الغرب و على رأسها أمريكا، حتى تستخدمه تلك الدول كورقة ضغط و حركة تمرد وقتما تريد، و قد كان، فهو و- أنا أكتب هذه السطور- يشتبك مع الجيش السوداني من أجل السيطرة و الانقلاب العسكري مدعوماً من القوات الأفريقية ضد السودانيين العرب في الشمال، من أجل القضاء على العرق العربي هناك و تغليب الإثنية الأفريقية كنوع من العنصرية ضد السوداني العربي، و الهدف الأساسي هو محاصرة مصر لا أكثر، فهو مجرد أداة و لعبة في يد أسياده، فهو و إثيوبيا يفيان بالغرض كما يتخيل البعض..
و لعلك حين تقرأ مقالي التحليلي هذا و تتابع الأحداث الجارية في السودان الشقيق، تلحظ حين الربط بينهما أن كلامي صحيح، حيث إشاعة كذبة كبيرة و هي ادعاء بوجود احتلال مصري للسودان و قواعد عسكرية و طائرات حربية، تعمل ضد وحدة السودان، و هذه شائعات مغرضة موجهة ضد مصر و استقرارها، فهل يفطن الشعب السوداني الشقيق الآن إلى محاولة الوقيعة تلك و يقف خلف قيادته العسكرية للجيش الوطني السوداني بقيادة البرهان ضد وكيل الغرب حميدتي و يقضي على آمالهم في تهديد مصر و تقسيم السودان المقسم أصلا، أم لا؟!!!