تقارير و تحقيقات

أزمة مياه طهران: كيف تقعد الهضبة والجبال الأزمة ؟

مولود سعدالله – مراسلين

تواجه العاصمة الإيرانية طهران أزمة مياه غير مسبوقة، إذ حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مؤخرًا من احتمال فرض تقنين صارم أو حتى إخلاء بعض المناطق في حال استمرار موجات الجفاف. وتكمن خلف هذه الأزمة والانقطاعات اليومية المتكررة أسباب تقنية وجغرافية معقدة تحول دون التوصل إلى حلول سريعة وفعالة.

تقع طهران على هضبة بارتفاع يقارب 1200 متر فوق سطح البحر، بينما يحدّها من الشمال جبال ألبرز الشاهقة، ما يجعل أي مشروع لنقل المياه من المناطق المنخفضة أو من البحر مهمة هندسية ضخمة. فعملية ضخ المياه لمسافات طويلة وعلى ارتفاعات كبيرة تتطلب محطات ضخ عملاقة واستثمارات مالية هائلة.

أما خيار نقل مياه بحر قزوين فيواجه تحديًا آخر، إذ إن مياه البحر مالحة جزئيًا وتحتاج إلى تحلية مكثفة قبل أن تصبح صالحة للشرب. غير أن عمليات التحلية تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وتستلزم شبكات توزيع متطورة، كما أن تنفيذ مثل هذا المشروع قد يصطدم بقيود سياسية واتفاقيات دولية مع الدول المطلة على البحر.

وتعتمد طهران حاليًا على ثلاثة سدود رئيسية هي: لتيان، وأمير كبير، وطالقان. إلا أن مخزون هذه السدود انخفض بشكل كبير بسبب تراجع معدلات هطول الأمطار. يضاف إلى ذلك أن شبكات توزيع المياه في المدينة قديمة وتفقد ما بين 30 إلى 40 في المئة من المياه قبل وصولها إلى المستهلكين. وبالتالي، حتى في حال ضخ كميات إضافية من المياه أو تحليتها، فإن ضعف الشبكات الحالية يحدّ من كفاءة التوزيع.

وتتطلب مشاريع تحديث الشبكات أو إنشاء خزانات حديثة سنوات من العمل واستثمارات ضخمة، في وقت يواجه فيه المواطنون نقصًا يوميًا في المياه.

من الناحية التقنية، يمكن إنشاء محطات ضخ جديدة أو مدّ شبكات أنابيب حديثة أو حتى بناء محطات لتحلية مياه البحر، إلا أن هذه الحلول مكلفة للغاية وتحتاج إلى فترة طويلة لتنفيذها

في ظل ذلك، تلجأ طهران حاليًا إلى سياسات مؤقتة مثل تقنين المياه، وإعادة استخدامها، وتحسين أجزاء محدودة من الشبكات، لكنها لا تعالج جوهر المشكلة المرتبط بالعوامل الجغرافية والطبيعية .

تبقى أزمة المياه في طهران تحديًا معقدًا متعدد الأبعاد، إذ تجعل تضاريس الهضبة والجبال، وبعد البحر، وملوحة المياه وحتى الحظر الأجنبي والعقوبات التي تصعب دخول التقنيات اللازمة، من كل حل مشروعًا ضخمًا ومكلفًا. واقعٌ دفع بعض المسؤولين إلى التفكير في خيارات جذرية، من بينها احتمالية نقل السكان من بعض المناطق إذا استمر الجفاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews