تأخير التسجيل وقرارات مفاجئة تربك طلاب جامعة حلب

شريف فارس – مراسلين
سوريا- مع انطلاق العام الدراسي الجديد في جامعة حلب، كان الأمل يملأ قلوب مئات الطلاب المنقطعين والمستنفيذين بالعودة إلى مقاعدهم الدراسية بعد صدور قرارات سمحت لهم بإعادة القيد. غير أنّ الإجراءات الإدارية تأخرت بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى حالة من الفوضى داخل الكليات وتأخر صدور القوائم النهائية بأسماء المقبولين في التسجيل.
ووفقاً لمصادر طلابية، فإنّ أسباب التأخير تعود إلى تضارب التعليمات بين الكليات وعمادة الجامعة، إضافة إلى نقص الكوادر الإدارية المكلفة بمتابعة معاملات إعادة القيد. هذا الواقع جعل العديد من الطلاب يفقدون أياماً ثمينة من الدوام، وبعضهم لم يتمكن حتى الآن من حضور أي محاضرة رغم مضي أكثر من شهر على بدء العام الدراسي.

يقول الطالب حمزة أبو يامن من كلية الصيدلة، وهو أحد الطلاب المستنفيذين:
”علمت بقرار الاستنفاذ رقم ٩٨ وقت كنت عم حضّر لتسجيل بالجامعة، وفعلاً كان القرار صدمة كبيرة إلنا كطلاب. القرار ظالم جدًا، لأن في طلاب استُنفذت السنة الماضية رغم إنو كان عندهم مواد عملي منجزة من سنوات سابقة وما قدروا يقدموها من جديد. حاولت أتواصل مع دائرة الامتحانات وعميد الكلية، بس الكل بيقول نفس الجواب: هيك إجا القرار من فوق.
المشكلة الأكبر إنو الدخول لرئاسة الجامعة شبه مستحيل، بدك واسطة أو تنتظر ساعات لأنو دايمًا بيقولوا في اجتماع أو زحمة مراجعين. برأيي الأفضل إنو القرار يرجع لصلاحيات الكليات نفسها، بحيث يتم تثبيت علامات العملي للطلاب المستنفيذين، أو يصدر توجيه واضح من رئاسة الجامعة لعمداء الكليات بخصوص هذا الموضوع، لأنو بصراحة القرار الإداري الحالي أضر شريحة كبيرة من الطلاب بدون مبرر.”
ويشاركه الرأي الطالب حسن العارف من كلية الصيدلة أيضًا، حيث قال:
“علمت بالقرار بعد بداية جلسات العملي بتاريخ ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥، وكانت ردة فعلي مزيج من الاندهاش والذهول والغضب! عندي خمس مخابر عملي بالفصل الأول وثماني بالفصل الثاني، وما فيني عوّضهم بسهولة أبداً. القرار مجحف وظالم وغير مدروس إطلاقاً.
تواصلنا مع عميد الكلية فأحالنا إلى رئاسة الجامعة، ولما تواصلنا مع النائب الإداري أخبرنا أن القرار وزاري ولا يمكن تعديله من داخل الكلية. هذا الشي خلانا نحس إنو الطالب هو الحلقة الأضعف دائماً، رغم إنو المتضرر الأول من كل هالقرارات.”
ويضيف الطالب فارس أبو عمر من كلية العلوم، وهو من الطلاب المنقطعين بسبب مشاركته في الثورة:
”رجعت للدوام بالجامعة خوفاً من إني أتأخر أكتر عن دروسي، بس لليوم ما سجلت رسمياً بالكلية. قالوا إن التسجيل تأجل للشهر القادم رغم إني قدّمت أوراقي لرئاسة الجامعة وأخذت رقم لتسليمه للكلية، لكن التسجيل ما انفتح بعد.
لذلك قررت أبدأ الدوام من تلقاء نفسي، بانتظار فتح التسجيل الرسمي. بصراحة الوضع محبط، لأن الطالب ما بيعرف مصيره، لا بيعرف إذا رح يُقبل ولا كيف رح تنحسب عليه الأيام اللي عم يحضرها من دون تسجيل.”
ويتابع الطالب أحمد شلاش من كلية الآثار، وهو من الطلاب المنقطعين عن الجامعة، قائلاً:
“بلّشت إجراءات التسجيل وقت امتحانات الفصل الثاني السنة الماضية، بعد ما صدر قرار بقبول الطلاب المنقطعين. كنا نراجع شؤون الطلاب بشكل مستمر، وكانوا يقولولنا: لسا ما طلع قرار القبول.
القرار تأخر كتير، والسبب – حسب ما فهمنا – هو انتظار تمديد فترة تقديم طلبات العودة للجامعة. بصراحة، الموظفين كانوا متجاوبين ومتفهمين، بس ما كان بإيدهم شي لأن القرار الأساسي ما صدر.
وبرأيي، الهدف من التأخير كان إعطاء أكبر عدد ممكن من الطلاب فرصة لتقديم طلبات العودة، بس هالشي أثّر سلباً علينا بالفصل الماضي، لأننا كنا نحضر المحاضرات وما منعرف وضعنا إذا رح يُقبل طلبنا أو لا، يعني كنا فعلياً لا معلّقين ولا مطلّقين.”

في تصريح خاص لـ«مراسلين »، قال رئيس جامعة حلب الدكتور محمد أسامة رعدون:
“تعمل جامعة حلب منذ بداية العام الدراسي على تيسير إجراءات تسجيل جميع الطلاب، بما فيهم المنقطعين، إلا أن تأخر بعض الحالات يعود لأسباب إدارية خارجة عن الإرادة، منها الحاجة لتدقيق البيانات الأكاديمية القديمة، واستكمال بعض الملفات الورقية التي كانت محفوظة في أرشيفات مختلفة بعد مرحلة التحرير، إضافة إلى ضغط العمل الكبير على الشعب الامتحانية وشؤون الطلاب في مختلف الكليات.”
وأضاف:
“وجّهنا جميع الكليات لرفع قوائم دقيقة بعدد الطلاب الذين لم يتمكنوا من استكمال التسجيل حتى الآن، بهدف وضع خطة سريعة لمعالجة أوضاعهم. وتتابع الإدارة هذا الملف بشكل يومي حتى يُتاح التسجيل للجميع دون استثناء.”
وفيما يتعلق بالتفاوت في آليات التسجيل بين الكليات، أوضح رعدون أن هناك تعميماً موحداً وملزماً لكل الكليات يحدد مراحل التسجيل وإجراءاته، مؤكداً أن أي حالة استثنائية تُتابع مباشرة من قبل نواب رئيس الجامعة لضمان العدالة والمساواة بين الطلاب.
كما أشار إلى أن الجامعة تعمل حالياً على إطلاق نظام تسجيل إلكتروني موحد ضمن خطة التحول الرقمي في التعليم العالي، لتخفيف الضغط عن الطلاب وتبسيط الإجراءات الإدارية بما يضمن السرعة والدقة في معالجة الطلبات.
وبخصوص قرار إلغاء علامات العملي للطلاب المستنفيذين، أوضح رعدون أن القرار جاء استناداً إلى توجيهات وزارة التعليم العالي، مشيراً إلى أن الهدف منه هو منح فرصة لإعادة المواد النظرية دون الحاجة لإعادة العملي في حال لم يطرأ تعديل جوهري على المقررات.
“ندرك أن القرار أثار بعض الإشكالات، خاصة في المواد التطبيقية، لذلك تمت مخاطبة الوزارة لبحث إمكانية اعتماد امتحانات تقييمية أو بدائل أكاديمية تحفظ حق الطالب وتضمن عدالة التقييم.”
وأكد في ختام حديثه أن الجامعة حريصة على إشراك الكوادر التدريسية في كل قرار أكاديمي، لضمان توافق السياسات الجامعية مع احتياجات الطلاب ومصلحة العملية التعليمية.
تأخر التسجيل وتعدد القرارات المفاجئة في جامعة حلب يعكسان إشكالية تنظيمية وإدارية تحتاج إلى مراجعة جذرية، خصوصاً أن المتضرر الأكبر هم الطلاب الذين ينتظرون فرصتهم لإكمال تعليمهم بعد سنوات من الانقطاع والظروف الصعبة.
ويرى مراقبون أن الحل يكمن في تعزيز التنسيق بين الكليات ورئاسة الجامعة، وتبسيط الإجراءات الإدارية عبر التحول الإلكتروني الكامل، مع ضرورة منح الكليات صلاحيات أوسع في معالجة الحالات الأكاديمية الخاصة.
وفي الوقت الذي يترقب فيه الطلاب خطوات فعلية لتحسين الواقع، تبقى الثقة بين الطالب والمؤسسة الجامعية بحاجة إلى ترميم يعيد للجامعة دورها الحقيقي كمكان للعلم والعدالة الأكاديمية.




