تقارير و تحقيقات

السودان: ثرواته الضخمة.. وحرب على حياة مواطنيه

ممدوح ساتي -مراسلين

السودان أرض الخير ، عجيبة الدنيا الاقتصادية..
يختزن ثروات هائلة تكفي كل مواطن لحياة كريمة بعشرات آلاف الدولارات سنويًا، من الذهب واليورانيوم والحديد والفوسفات والسيليكا والمعادن المختلفه.. إلى الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والموارد المائية.

لكن على أرض الواقع، المواطن العادي لا يحصل سوى على 250 دولارًا سنويًا، بينما تتحول الثروات إلى أداة للصراعات المسلحة، المناورات السياسية، والمصالح الجيوسياسية الإقليمية والدولية.

في الوقت الذي يُفترض أن تعزز فيه هذه الموارد رفاه المواطنين، تسببت في تغذية النزاعات، دعم الجماعات المسلحة، وإغراء القوى الخارجية بالمؤامرة على السودان.
الفجوة الهائلة بين الثروة النظرية والواقع ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل حرب مستمرة على حياة الشعب وموارد الوطن.

  • الفجوة الصادمة: النظرية مقابل الواقع

احصائيا، لو وزعت كل ثروات السودان—من المعادن ، إلى الأراضي الزراعية، الثروة الحيوانية، والموارد المائية—على عدد السكان، لكان نصيب كل شخص 30,000 دولار سنويًا.

لكن المواطن يحصل فقط على 250 دولارًا. الفارق الصادم 1 : 120.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاء، بل صورة حقيقية لعجز الدولة وفشل المؤسسات، وكمية الموارد التي تُهرّب وتُهدر لصالح مصالح ضيقة وصراعات مسلحة.

  • ثروات السودان: الأرقام تتحدث

الذهب: إنتاج سنوي نحو 70 طنًا، أكثر من نصفه يهرب خارج النظام الرسمي.

اليورانيوم: احتياطيات تقدر بـ 1.5 مليون طن، ثالث أكبر احتياطي عالمي، بلا استثمار محلي حقيقي.

الأراضي الزراعية: ملايين الهكتارات تنتج الغذاء، لكن ضعف البنية التحتية وفقد المحاصيل يحول النعمة إلى عبء.

الثروة الحيوانية: ملايين الرؤوس من الماشية، قيمة إنتاجها لا تصل إلى المواطن بسبب ضعف الأسواق والصناعات التحويلية.

النفط: غالبية الإنتاج يُصدر خامًا، دون أي تطوير للصناعة الوطنية أو خلق قيمة مضافة.

هذه الثروات الغير مستغله والموارد الضخمة، بدل أن تكون قاعدة رفاهية وطنية، أصبحت وقودًا للصراعات، أداة للمصالح الضيقة، ورصيدًا للجماعات المسلحة.

الذهب نموذج الأزمة: المعدن الذي يغذي الحروب

من إنتاج 70 طنًا سنويًا:

المسار الرسمي: نحو 31.5 طن تدخل الخزينة بأسعار وإجراءات غالبًا تفتقر للشفافية.

المسار غير الرسمي: 38.5 طن يُهرب، أي أكثر من نصف الإنتاج، محدثًا خسارة سنوية تزيد على ملياري دولار.

هذه الأموال لا تبني مدارس أو مستشفيات، بل تغذي اقتصاد الحرب ومافيا الفساد والجماعات المسلحة على حساب الدولة والمواطنين.

يقول خبير اقتصادي:
“الخلل ليس تحت الأرض، بل فوقها، في مؤسسات الإدارة الفاشلة. والدماء التي تُسفك اليوم مرتبطة مباشرة بهذه الفجوة بين الثروة النظرية والواقع.”

مفترق طرق: استمرار الصراع أم بناء الدولة

السودان اليوم أمام خيارين:

  1. استمرار الحلقة المفرغة: فساد، تهريب، تصدير خام، نزاعات مسلحة مستمرة، والفجوة الهائلة ستتسع، والمواطن يبقى الخاسر الأكبر.
  2. طريق الإصلاح والتنمية:
  • بناء هيئات وطنية شفافة وقوية لإدارة الموارد.
  • ملاحقة تهريب الذهب والمعادن عبر نظم تتبع رقمية حديثة.
  • التحول من اقتصاد الخام إلى اقتصاد القيمة المضافة: تصنيع الذهب، إنشاء صناعات غذائية، تكرير النفط.
  • استثمار العائدات في المواطن مباشرة: البنية التحتية، التعليم، والخدمات الصحية.

الحرب على المواطن والثروة مستمرة

الفجوة بين 30,000 دولار نظريًا و250 دولارًا فعليًا ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل حرب حقيقية على حياة الشعب وموارد الوطن.

القيمة الهائلة تحت الأرض وفوقها، تنتظر إرادة سياسية حقيقية ومؤسسات وطنية نزيهة لتحويلها من رقم نظري إلى رفاه ملموس لكل سوداني.

كل يوم يمر والفجوة تتسع، هو يوم تضيع فيه ثروة وطن وتزداد فيه حدة الصراع على أرضه وموارده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews