تقارير و تحقيقات

بين الحرب والجوع.. السودان يكافح للبقاء على قيد الحياة

"أمة تُصارع البقاء في آخر أزمة غذاء منذ عقود"

وسط تصاعد الأزمات الغذائية على مستوى العالم يبرز السودان كأحد أكثر بؤر الجوع هشاشة في ظل حرب شلت الإنتاج وأضعفت القدرة الشرائية ودفعت ملايين الأسر إلى دائرة انعدام الأمن الغذائي. وفي هذا الصياغ قدمت الدكتورة السودانية الزهراء حسن أحمد سعيد أخصائي الغذاء والتغذية في حوار خاص لـشبكة (مراسلين) قراءة مهنية دقيقة ترصد واقع التغذية وتداعياته الصحية والاجتماعية خاصة على النساء والأطفال والنازحين.

حوار: نشوة أحمد الطيب ـ خاص مراسلين  

ـ تقييم المشهد الغذائي في السودان اليوم..

أوضحت الدكتورة الزهراء أن المشهد الغذائي في السودان شديد التعقيد مؤكدة أن الحرب قلصت القدرة الشرائية ورفعت أسعار السلع الأساسية وأربكت سلاسل الإمداد ما دفع البلاد إلى أزمة سوء تغذية واسعة ناتجة عن الفقر وتعطل الإنتاج وصعوبة الوصول للغذاء وتراجع جودة الوجبات اليومية.

ـ أبرز العناصر الغذائية التي تراجعت في المائدة السودانية..

أشارت إلى أن أكثر ما اختفي أو تراجع هو البروتين الحيواني من لحوم وألبان وبيض، إضافة إلى الخضروات الورقية والفاكهة والزيوت الجيدة والحبوب المتنوعة، مؤكدة أن هذا الغياب انعكس على صحة الأسر بزيادة الإرهاق وضعف المناعة وتفاقم الأنيميا خصوصاً لدى النساء والأطفال.

ـ تأثير ارتفاع الأسعار على جودة الوجبات..

ذكرت الزهراء أن الارتفاع الكبير في الأسعار دفع كثيراً من الأسر للاعتماد على وجبات تشبع ولكن فقيرة القيمة موضحةً أن كثيرين باتوا يتناولون وجبتين منخفضتي الجودة بدلاً من ثلاث وجبات متوازنة ما عمق نقص البروتينات والفيتامينات والمعادن الأساسية.

ـ أبرز المؤشرات الصحية الناتجة عن سوء التغذية وانعكاساتها..

أكدت أن مؤشرات سوء التغذية تشمل الأنيميا الحادة وتساقط الشعر وشحوب البشرة وتقرحات الفم وضعف المناعة إضافة إلى الهزال وتأخر النمو لدى الأطفال والإرهاق وضعف الكتلة العضلية لدى البالغين.

ـ الفئات الأكثر هشاشة..

أوضحت أن الأطفال دون سن الخامسة والحوامل والمرضعات وكبار السن هم الأكثر هشاشة لأن أجسامهم تتأثر سريعاً بأي نقص في العناصر الغذائية الأساسية.

ـ تأثير الضغط النفسي الناتج عن الحرب على الصحة الغذائية..

أشارت أن الضغط النفسي يرفع هرمونات التوتر ما يزيد من استهلاك الجسم للفيتامينات والمعادن، وبالتالي تتفاقم آثار سوء التغذية ويصبح الشخص أكثر عرضة للالتهابات واضطرابات النوم وضعف المناعة.

ـ الوضع الغذائي داخل معسكرات النزوح..

قالت دكتورة الزهراء إن الوضع الغذائي داخل معسكرات النزوح بالغ الهشاشة، موضحة ان النساء والأطفال يعتمدون على وجبات محدودة الكمية والنوع وأن النقص لا يشمل الغذاء فقط بل يمتد إلى المياه النقية ووسائل وأدوات الطهو، بجانب صعوبة تخزين الطعام، كلها تشكل أبز التحديات الغذائية للنازحين وترفع خطر الأمراض المنقولة بالمياه وسوء التغذية.

ـ العلامات المبكرة لسوء التغذية لدى الأطفال..

أوضحت أنها تشمل فقدان الوزن أو عدم اكتسابه، الالتهابات المتكررة، الخمول والبكاء المستمر، انتفاخ البطن وتساقط الشعر، مؤكدة إمكانية اعتماد الأمهات على قياس الذراع العلوي للطفل لمراقبة الوضع بشكل بسيط.

ـ صحة المرأة في ظل الحرب وأثر نقص الغذاء عليها..

أشارت إلى انه يؤدي إلى فقر دم حاد، ضعف عضلي، ودوخة وتراجع المناعة مضيفة أن الحوامل والمرضعات يواجهن مخاطر إضافية نقص وزن الجنين ز انخفاض الحليب والولادة المبكرة، وأوضحت أن مخاطر سوء التغذية المستمر لدى النساء تشمل هشاشة العظام واضطراب الهرمونات وتوقف الدورة الشهرية وضعف الخصوبة.

ـ الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على صحة المرأة الإنجابية في ظل هذه الظروف..

أكدت الزهراء أنه يشمل تناول مصدر بروتين يومي ولو بسيطاً مثل العدس أو البيض أو الفول وكوب لبن او بديله وخضروات أو فواكه ثلاث مرات في أسبوعياً وملعقة سمسم أو فول سوداني يومياً إلى جانب مكملات الحديد والفوليك عند توفرها.

ـ بدائل غذائية في زمن الشح تعوض غياب الأغذية الأساسية في السودان..

أوضحت إمكانية الاعتماد على الفول والعدس كمصدر بروتين جيد وعلى الدخن لاحتوائه على الحديد والكالسيوم، إضافة إلى السمسم والفول السوداني كمصادر دهون جيدة وطاقة وأكدت أن تحميص الحبوب يرفع من قيمتها الغذائية بجانب استخدام العسل الأسود كمصدر حديد إذا توفر.

ـ طرق تخفيف نقص الغذاء على الأطفال.. 

أشارت إلى تقديم وجبات صغيرة ومتكررة وإضافة زيت السمسم أو الفول السوداني لاي وجبة وتحضير مزيج طاقة يكون من الدخن والفول السوداني والسكر واستخدام البيض مرة أو مرتين أسبوعياً إذا توفر.

ـ تأثير الحرب على المجتمع السوداني ونوعية الحالات الشائعة..

ذكرت دكتورة الزهراء أن الحرب في السودان أدت إلى زيادة حالات الأنيميا ونقص الوزن وهزال الأطفال ونقص الفيتامينات وأن معظم الحالات الوافدة حالياً هي حالات حرجة أو متأخرة وليست وقائية.

ـ رسالتك كطبية مختصة في الغذاء والتغذية للأسر السودانية..

اختتمت دكتورة الزهراء رسالتها في حديثها لـ (مراسلين) بالتأكيد على أهمية تنويع الوجبة قدر الإمكان مهما كانت بسيطة، ومراقبة صحة الأطفال مبكراً، والاهتمام بالماء النظيف وتقاسم المعرفة داخل المجتمع، مشددة على ألا تشعر الأسر بالذنب تجاه ضعف تغذيتها فالمسؤولية الكبرى تفرضها الظروف القاسية لا الناس أنفسهم.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews