شرق الفرات.. بين مشروع “قسد” واتفاق آذار: صراع هوية وسياسات هيمنة

أنس الشيخ أحمد-مراسلين
تشكل منطقة شرق الفرات في سوريا محورًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، بما تحويه من موارد النفط والغاز وموقعها الجغرافي الحساس. ومع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تتصاعد الاتهامات بانتهاكات واسعة بحق العشائر العربية والمكونات الأخرى، عبر سياسات تبديل الهوية، تغيير المناهج التعليمية، التجنيد الإجباري، واستغلال الموارد الوطنية لأغراض عسكرية. هذه الممارسات تضع المنطقة أمام تحديات متشابكة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية.
الأبعاد السياسية والعسكرية
تتهم العشائر العربية “قسد” بفرض مناهج تعليمية جديدة تتجاهل الهوية العربية وتدخل مضامين سياسية وفكرية لا تنسجم مع البيئة المحلية، في خطوة اعتُبرت محاولة لفرض هوية مغايرة. كما تتحدث تقارير ميدانية عن سياسات تهجير وتغيير ديموغرافي تهدد الأمن القومي السوري. وعلى الصعيد العسكري، تستغل “قسد” موارد الدولة في حفر الأنفاق والتحصينات، على غرار أساليب تنظيم داعش، ما يثير مخاوف من مواجهات مستقبلية في الرقة ودير الزور.
الأبعاد الأمنية والاجتماعية
حملات الاعتقال والدهم بحق أبناء العشائر تُنفذ بذريعة مواجهة خلايا داعش، لكنها عمليًا تستهدف الأصوات المعارضة لسيطرة “قسد”، وهو ما يفاقم فقدان الثقة الشعبية. كما أن المناهج الجديدة والسياسات الثقافية المفروضة تهدد النسيج الاجتماعي، إذ عبّر المسيحيون والسريان والآشوريون عن رفضهم لسياسات التهميش ومحاولات فرض هوية أحادية على منطقة متعددة الثقافات.
اتفاق آذار ودور الحكومة السورية
رغم التعقيدات، خطت حكومة دمشق خطوة إيجابية عبر اتفاق آذار الذي هدف إلى تعزيز التنسيق وضبط الموارد في شرق الفرات، بما يضمن استقرارًا نسبيًا ويعيد فتح قنوات التواصل مع المجتمع المحلي. غير أن “قسد” عمدت إلى عرقلة تنفيذ الاتفاق عبر استمرار سياسات الاعتقال والتجنيد الإجباري، ما عمّق الشرخ السياسي والاجتماعي وأفشل فرص التفاهم الوطني.
بين خيار المعركة او تطبيق الإتفاق
إن معركة شرق الفرات ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل هي صراع هوية ووجود، حيث تسعى “قسد” إلى فرض مشروعها السياسي والثقافي على حساب المكونات العربية وغيرها من الجماعات الأصيلة في المنطقة. ومع استمرار سياسات التغيير الديموغرافي والتجنيد الإجباري وتبديل المناهج، يبقى مستقبل شرق الفرات رهناً بقدرة المجتمع المحلي على مواجهة هذه الانتهاكات، وبمدى جدية المجتمع الدولي في الضغط لوقفها، خاصة في ظل محاولات الحكومة السورية عبر اتفاق آذار لإيجاد حلول وطنية تعرقلها سياسات “قسد”.



