حكم العيسى.. رجل التخطيط الاستراتيجي في كتائب القسام

شبكة مراسلين
تقرير: محمد خلاف
لم يكن اسمه يتردد كثيراً في الإعلام، ولم تُنشر صور له في المناسبات العامة أو المعسكرات. لكنه كان واحداً من أبرز الأسماء التي شكّلت الجناح العسكري لحركة “حماس” بفكر استراتيجي عميق.
عرف بين رفاقه باسم “أبو عمر السوري” ، وكان يُعتبر مدرسة كاملة في التدريب والتنظيم، عمل بصمت بعيداً عن الأضواء، وساهم في إعادة هيكلة كتائب القسام إلى قوة شبه نظامية ذات بنية عسكرية متقدمة.
خبير المنظومات: أسس الأكاديمية العسكرية وحوّل الكتائب إلى جيش مقاتلين
كان العيسى من مؤسسي الأكاديمية العسكرية لكتائب القسام ، التي خرّجت آلاف المقاتلين، بما فيهم وحدات النخبة والقوات الخاصة.
وتولى مسؤولية هيئة التدريب وهيئة الدعم القتالي والإداري، وكان معروفاً بمشاريعه المتعلقة ببناء المواقع والمنشآت الدفاعية، ما منحه لقب “أبو المواقع” داخل التنظيم.
يعتبره كثيرون من داخل الحركة أحد الأركان الأساسية في تحويل الكتائب من مجموعة مقاومة متناثرة إلى تنظيم عسكري منظم ومترابط.
رحلة نضال عبر ساحات الصراع
وُلد حكم محمد العيسى عام 1967 في الكويت لأسرة فلسطينية من بلدة رامين في محافظة طولكرم.
درس في الكويت ثم أنهى تعليمه الجامعي في الهند، قبل أن يغادر الكويت بعد الغزو العراقي عام 1990 ويتجه إلى الأردن.
خلال حياته، انتقل بين عدة ساحات نضالية، منها أفغانستان، الشيشان، سوريا، ولبنان ، حيث اكتسب خبرة واسعة في حرب العصابات ومواجهة الجيوش النظامية.
استقر في سوريا لاحقاً، وانتقل إلى قطاع غزة عام 2005، حيث بدأ مرحلة جديدة من العمل العسكري المنظم داخل كتائب القسام.
الاغتيال الإسرائيلي: استهداف لعقل العملية العسكرية
أعلن كل من جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز “الشاباك” اغتيال العيسى بضربة جوية استهدفت منزله في قطاع غزة، أدت إلى استشهاده مع زوجته وحفيده.
واتهم البيان الإسرائيلي العيسى بأنه كان العقل المدبر لعملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023 ، وبإعادة بناء البنية العسكرية لحركة حماس خلال الحرب الجارية.
وصفه الاحتلال بأنه “أحد أبرز الشخصيات القيادية في البنية القتالية لحماس”، وأن عملية اغتياله كانت دقيقة ومخططة، وتستهدف قلب العمليات العسكرية للحركة .
رحيل رجل الخطط الاستراتيجية
مع رحيل حكم العيسى ، تفقد كتائب القسام واحداً من أكثر القادة تأثيراً في بناء جيشها، ورسم خططه.
كان وجوده كبيراً رغم غيابه عن المشهد العام، وظل حاضراً في كل خريطة قتالية، وفي كل وحدة مدربة، وفي كل موقع دفاعي بُني بخبرة وعناية.
يرحل اليوم، ليترك فراغاً لا يُعوَّض في صفوف المقاومة، في واحدة من أكثر المراحل تعقيداً في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.