الشرع من الدوحة: لا أمن لأمتنا إلا بوحدتها.. والعدوان على قطر عدوان على سوريا

بقلم : وليد شهاب
في العاصمة القطرية الدوحة حيث تتلاقى الإرادات وتتوحد المصائر اجتمعت قيادات الأمة العربية والإسلامية في لحظة تاريخية فارقة تهدف إلى صياغة رد موحد على الاعتداء الإسرائيلي الأخير الذي استهدف الأراضي القطرية وقد مثل سوريا في هذه القمة الطارئة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع الذي ألقى كلمة شديدة اللهجة عبر فيها عن موقف بلاده الثابت والداعم لقطر في مواجهة هذا العدوان الغادر.
وجاءت كلمة الرئيس الشرع في إطار دبلوماسي محكم يعكس حنكة السياسي المخضرم وخبرة الدبلوماسي الذي يعرف كيف يوصل الرسائل بأسلوب راق ومؤثر حيث استهل حديثه بمقولة أدبية عميقة الجذور تشير إلى غدر إسرائيل بمهمة الوساطة التي تقوم بها قطر منذ سنوات مشيرًا إلى أن قوة الأمة تكمن في وحدتها بينما يتمثل ضعفها في تفرقها وقد استشهد ببيت شعري عربي أصيل يؤكد أن جمع عناصر القوة من ذكاء وحكمة وشجاعة وكبرياء هو السبيل لتحصين الأمة ضد الظلم والعدوان.
ولم يكتف الرئيس السوري بإدانة الاعتداء على قطر بل وسع نطاق انتقاده ليشمل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى الأراضي السورية منذ تسعة أشهر مؤكدًا أن سوريا بكل مكوناتها تقف إلى جانب قطر في محنتها وذلك وفاءً لمواقفها المشرفة ودعمًا لسياساتها العادلة تجاه القضايا العربية.
أما عن حيثيات انعقاد هذه القمة الطارئة فقد جاءت استجابة سريعة للاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف قادة الوفد المفاوض لحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة حيث اجتمع هؤلاء القادة لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار الذي تقدم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامم وقد نفذت إسرائيل هذا الهجوم باستخدام طائرات مقاتلة متطورة وذخائر دقيقة بدعم استخباراتي مكثف.
وردًا على هذا الاعتداء اجتمع وزراء الخارجية العرب والمسلمين لوضع مسودة بيان ختامي يعبر عن الموقف الموحد للأمة ويؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية فاعلة لردع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
من جهتها أصدرت الخارجية القطرية بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه هذا الهجوم الجبان ووصفته بأنه عمل إجرامي ينتهك كل المواثيق والقوانين الدولية كما هددت باتخاذ إجراءات رادعة ضد أي محاولة لاستهداف أمنها وسيادتها الوطنية.
ويأتي هذا التجمع العربي الإسلامي في وقت بالغ الحساسية حيث تشهد المنطقة تصعيدًا غير مسبوق منذ بداية الحرب على غزة وتؤكد هذه القمة أن الأمة بدأت تدرك أن طريق النجاة يكمن في توحد الصفوف ونسيان الخلافات الثانوية من أجل مواجهة التحديات المصيرية المشتركة.
وقد عبر الرئيس الشرع عن هذا المعنى بوضوح عندما أكد أن اجتماع الأمة ولم شملها هو الطريق الوحيد لتعاظم قوتها وصد العدوان عنها وقد لاقت كلمته استحسانًا كبيرًا من الحضور الذين رأوا فيها تجسيدًا للإرادة العربية المشتركة والتزامًا بالمصير المشترك.
أما عن حيثيات الهجوم الإسرائيلي على الدوحة فقد كشفت القنوات الإسرائيلية أن العملية أطلق عليها اسم قمة النار وأنها استهدفت قيادات حماس المسؤولة عن عملية طوفان الأقصى وفقًا للرواية الإسرائيلية وقد نجا الوفد التفاوضي الفلسطيني بأعجوبة من هذا الاغتيال مما دفع بإسرائيل إلى التهديد بمزيد من العمليات حتى القضاء التام على حركة حماس.
هذا العدوان الجديد يمثل نقطة تحول خطيرة في الصراع العربي الإسرائيلي كونه يستهدف العاصمة القطرية التي ظلت لسنوات تلعب دور الوسيط الأمين بين جميع الأطراف ويعكس استعداد إسرائيل لتجاوز كل الخطوط الحمراء من دون اكتراث بالعواقب الدولية أو الإقليمية.
رد الفعل القطري كان حازمًا وشديد الوضوح حيث أكدت الدوحة أنها لن تتهاون مع السلوك الإسرائيلي المتهور ولن تقبل بأي عمل يستهدف أمنها وسيادتها كما أعلنت عن فتح تحقيقات على أعلى مستوى للوقوف على تفاصيل الحادث وكشف ملابساته.
أما على الصعيد العربي والإسلامي فقد بدأت تتبلور قناعة راسخة بضرورة الانتقال من مرحلة الشجب والاستنكار إلى مرحلة الفعل والإجراء العملي فقد تضمنت مسودة البيان الختامي للقمة فقرات واضحة حول ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لردع إسرائيل وحماتها الدوليين.
سوريا من جانبها أكدت عبر رئيسها الشرع أنها ستظل في خندق واحد مع كل الدول العربية التي تتعرض للعدوان وأنها ستدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق الوحدة العربية وصد العدوان الصهيوني وذلك انسجامًا مع ثوابت سياستها الخارجية التي تضع القضايا العربية في صلب أولوياتها.
هذه القمة التاريخية تمثل علامة فارقة في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي وقد تكون البداية الحقيقية لمرحلة جديدة من التضامن الفعلي والمواجهة الاستراتيجية مع إسرائيل التي تجاوزت كل الحدود في عدوانها وغطرستها.
ختامًا يمكن القول إن الأمة العربية والإسلامية بدأت تستفيق من سباتها وتدرك أن طريق النجاة يكمن في التوحد ونسيان الخلافات الثانوية وقد تكون كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع خير تعبير عن هذه الصحوة المباركة التي نأمل أن تؤتي ثمارها في أقرب وقت ممكن.