“السرقة بالإكراه” في التسوّق الإلكتروني: مناورات جديدة توقع المستهلك في الفخ

سعيد محمد – مراسلين
تشهد منصات التسوّق الإلكتروني في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في شكاوى المستهلكين من ممارسات توصف بأنها “سرقة بالإكراه” أو “احتيال متعمّد”، إذ يلجأ بعض البائعين عبر الإنترنت إلى إرسال منتجات تختلف كليًا أو جزئيًا عن تلك التي تم طلبها ودفع ثمنها، ثم يُفاجَأ المستهلكون عند طلب الإرجاع بفرض رسوم شحن مرتفعة أو تعجيزية تجعل عملية الاسترجاع غير مبرّرة اقتصاديًا.
تبدأ المشكلة –بحسب العديد من الشكاوى– عند استلام منتج يختلف في الجودة أو المواصفات أو الشركة المصنّعة عمّا ظهر على صفحة العرض. وبمجرد رغبة المستهلك في استرجاع المنتج، يتحول مسار الخدمة من “تسوّق إلكتروني مريح” إلى “معركة مالية” بسبب:
مطالبة البائع برسوم شحن مرتفعة على المستهلك وحده.
رفض الإرجاع إلا وفق شروط تعسفية مثل إعادة التغليف بطريقة يصعب على المستهلك تنفيذها.
المماطلة في الردود حتى انتهاء فترة الإرجاع المحددة.
خصم مبالغ إضافية غير مبررة تحت مسمى “رسوم فحص” أو “إعادة تخزين”.
هذه الممارسات، وإن تمت تحت غطاء “سياسات المتجر”، إلا أنها تضع المستهلك تحت ضغط مالي ونفسي يدفعه في النهاية إلى الاحتفاظ بالمنتج رغم عدم ملاءمته، وهو ما يعتبره كثيرون نوعًا من السرقة مع سبق الإصرار والترصّد.
يشير مختصون في حماية المستهلك إلى أن القوانين في بعض البلدان لا تزال غير واضحة بما يكفي بشأن مسؤوليات منصات البيع عند حدوث غش تجاري، خاصة عندما يكون البائعون من أطراف خارجية (third-party sellers).
في هذه الحالات، يستغل بعض التجار ضعف الرقابة ليحققوا أرباحًا مباشرة من الاحتيال، معتمدين على أن تكلفة الشحن ستتجاوز أحيانًا قيمة المنتج نفسه.
يؤكد متضررون أن المشكلة ليست فقط في قيمة الرسوم، بل في غياب العدالة:
فالمستهلك يدفع ثمن سلعة لم يصلِه مثلها، ثم يضطر لدفع مبالغ إضافية ليستعيد حقه فقط، دون ضمانات حقيقية.
إحدى المشتكيات تقول:
“تلقيت منتجًا ليس له علاقة بما طلبته. وعندما طلبت الاسترجاع، فوجئت بأن رسوم الشحن تعادل نصف سعر المنتج! شعرت أنني وقعت في فخ محكم.”
يطالب خبراء التجارة الإلكترونية بعدد من الإجراءات للحد من هذه الظاهرة، أبرزها:
إلزام المنصات بتقديم سياسة إرجاع مجانية عند وجود خطأ من البائع أو اختلاف في المواصفات.
رفع مستوى الرقابة على المتاجر الفردية داخل المنصات الكبرى.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية لحوادث الغش الإلكتروني وربطها بجهات حماية المستهلك.
تمكين المستهلك من تقديم شكاوى رقمية فورية مع تتبع إلزامي من الجهات الرقابية.
فرض عقوبات مالية رادعة على التجار المخالفين وإغلاق حساباتهم فورًا.
مستقبل التسوق الإلكتروني رهن بالثقة
يبقى عنصر الثقة هو حجر الأساس في التجارة الإلكترونية. ومع انتشار هذه الأساليب الاحتيالية، يطالب المستهلكون بتدخل قانوني عاجل لحماية حقوقهم ومنع تحول التسوق الرقمي من وسيلة مريحة إلى ساحة للاستغلال والابتزاز.



