بقلم: عبدالله الحبابي
توصلت أطراف دولية إلى تفاهم مبدئي لوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة، في خطوة اعتبرها الوسطاء بداية لتهدئة طويلة الأمد وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المتضررين. الاتفاق، الذي شهد تواصلاً دبلوماسياً مكثفاً بين دول وسيطة وإقليمية، يرتكز في مرحلته الأولى على هدنة فورية، تبادل لإطلاق سراح محتجزين، وفتح ممرات للإغاثة، على أن تُتبع هذه الخطوات بمفاوضات أوسع بشأن ترتيبات لاحقة.
الحدث يضع نهايةً مؤقتة لفترة من القتال العنيف شهدت خسائر بشرية هائلة وتدميراً واسعاً للبنى التحتية، وأدت إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين واشتداد الأزمة الإنسانية. ويأتي الاتفاق بعد جهود وساطة تضمنت دولاً إقليمية وغربية عملت على تقريب مواقف الطرفين وتمهيد سبل التنفيذ الميداني للتهدئة.
تفاصيل المرحلة الأولى تتضمن إطلاق سراح مجموعات من المحتجزين لدى كل طرف، وسحب جزئي لقوات ووقف لإطلاق النار يُراقب عبر آليات يتم الاتفاق عليها بين الوسطاء، بالإضافة إلى إدخال قوافل طبية وغذائية إلى مناطق محاصرة. كما اتفق الوسطاء على متابعة الأمور في اجتماعات لاحقة لضمان تنفيذ البنود وتوسيع نطاق الحماية المدنية.
الترحيب بالاتفاق كان واسعاً في معظم العواصم العربية، التي اعتبرته فرصة لبدء تخفيف معاناة المدنيين وإعادة فتح ملفات الإغاثة وإعادة الإعمار. وفي الوقت نفسه حذّر محلّلون من أن نجاح التهدئة مرهون بوضوح آليات التنفيذ، وبقدرة جميع الأطراف على الالتزام، وبحلول عاجلة لقضايا مركزية مثل إدارة إعادة الإعمار ووضع الأسرى والمعتقلين.
الآثار المحتملة للإجماع الإقليمي والدولي تظهر على محورين: أولاً، إمكانية خفض حدة الأزمة الإنسانية على المدى القريب إذا ما تم السماح بدخول المساعدات وإنهاء الحصار الفعلي، وثانياً، فرصة لإطلاق عملية دبلوماسية أعرض تعالج جذور الصراع، شرط أن تترافق مع ضمانات واضحة لتنفيذ الإجراءات المتفق عليها.
مع ذلك، تبقى التحديات كبيرة. فغياب اتفاق سياسي شامل وقابل للتنفيذ قد يعيد النزاع إلى دوائر العنف إذا ما فشلت الأطراف في ترجمة البنود المبدئية إلى خطوات ملموسة ومستدامة. وفي هذا الإطار، ستظل متابعة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لآليات التنفيذ وشفافيتها أمراً حاسماً لنجاح أي هدنة واستدامتها.
