
شبكة مراسلين
مقال بقلم: محمد سعد الأزهري
تمر مرحلة الوعي الإنساني هذه الفترة بمرحلة تغيرات عميقة وعنيفة وسريعة في الفهم والإدراك وتغيير القيم والقناعات الأساسية والمستقرة عبر قرون وأجيال، وهذه التغيرات من سرعتها وشدتها خرجت عن سيطرة الجهات الراعية والمؤطرة لها سواء كانت من المؤسسات الدينية أو الأحزاب السياسية أو الجماعات الأيدلوجية المحكمة في توجيه الشعوب والسيطرة على الحكومات والموجهة للذوق العام أو الفكر والرأي والثقافة.
لقد انتهت السطوة الأمنية المبالغ فيها وضعفت القبضة الأمنية في كثير من بلدان العالم الثالث في الشرق وأفريقيا وتلاقت معها درجة الوعي لدى الشعوب الأوروبية ودعمها للقضايا الإنسانية والمصيرية في العالمين العربي والافريقي وغيرها.
من كان يتخيل أن تخرج دولا كاملة عن المسار العالمي للسياسة العالمية المقننة كدولة جنوب إفريقيا لتتولى بنفسها الدفاع عن القضايا المصيرية العادلة للفلسطينيين.
من كان يتخيل أن يخرج ساسة ورؤساء حكومات في أوروبا للوقوف ضد الهمجية الصهيونية والدعم الأمريكي لها مع ما تعرفه من عواقب .
من كان يتصور من الأرجنتين وفنزويلا وأيرلندا أن تعلن دعمها المطلق وانحيازها الكامل للقضايا الإنسانية العادلة والمصيرية وفي القلب منها القضية الفلسطينية ثم تلاها تأييدهم للحرام السلمي والثورة السورية المباركة.
إنها فوارق ظاهرة علنية قوية مؤثرة لها ما بعدها في تنظيم خريطة الولاءات والتحالفات في العالم الجديد متعدد الأقطاب.
ومع ذلك تظهر فوارق عكسية معادية لكل حق كارهة لكل ما هو عربي وأفريقي وإسلامي وحضاري وتنضم هذه الدول الراعية للعداوة والخصومة والفرقة ومحاربة الحرية وصيانة الدماء والأعراض وتظهر هذه الدول والكيانات بوجه سافر وكلام ظاهر ومواقف مخزية مشينة علانية مستدبرة تاريخ وامجاد أسلافها مستبدلة بالثريا ثرى وبالرحيق المختوم حريقا دون اتخاذ عبرة وعظة من التاريخ القريب والأحداث المتسارعة وكأنها تستمطر اللعنات عليها وتستعجل نهايتها وأفول أيامها وإلقائها وتاريخها وقادتها في مزبلة التاريخ.
تظهر الفوارق أيضا في درجة وعي الشعوب العربية والافريقية وأنها مع سلميتها وتمسكها بقيم الإسلام ورحمته وعدالته إلا أنه قد استقر في وجدان الشعوب لزوم امتلاكها لأدوات تحرر بها بلادها وشعوبها وتكالب وتواجه بها الحكام المزروعين قهرا والموالين لكل ما يضر بلادهم وشعوبهم والذين سرقوا ونهبوا وعذبوا وشردوا وقتلوا وافسدوا إن مثل هؤلاء الحكام المتسلطين اليوم والذين يحاربون ويعادون شعوبهم لا يمكن تحريكهم من عروشهم أو إزالتهم من سلطتهم إلا بنفس الأدوات التي يستخدمونها ضد شعوبهم وبلادهم لأنهم للأسف لا يعرفون إلا هذه اللغة ولا يقتنعون إلا بمثل هذه الأساليب والوسائل في التفاوض .
التفت قلوب سكان أوروبا وأمريكا حول قلوب الأطفال في فلسطين والتفتوا نحو سوريا والعراق واليمن وليبيا .
طافت قلوب الفتيات والنساء الأوروبيات حول أروح الأطفال وبرائتهم والنساء في فلسطين وقلة حيلتهم وخذلان العرب والعروبة لهم وهم أقرب إليهم من شراك نعولهم.
لفتت أنظار العالم كله تلك الأحداث العاصفة والمناظر المؤلمة والمشاهد المفجعة والموت المتكرر علانية فبحثوا عما يبقي هؤلاء الناس متمسكين بأرضهم بدينهم بأخلاقهم بقيمهم بعزتهم بعفافهم فلم يجدوا إجابة إلا الإسلام إنه الإسلام وانه القرآن فانهالوا عليه بحثا ودراسة وتعلما وتفقها فوجدوا فيه ضالتهم وسكون قلوبهم واطمئنان أفئدتهم وراحة أرواحهم فأتوا إليه فرادى وجماعات وكأن كل روح خرجت من غزة وكل نفس قتلت أحيا الله بها ألف نفس (الآن علم الله أن فيكم ضعفا فخفف عنكم).
البوارق
بوارق: تعني كلمة البيرق الراية المميزة والظاهرة والأعلى بين الرايات.
ولذلك تأخرت رايات الوطنية والقومية والبعثية والديمقراطية وغيرها وظهرت بارقة وراية الحرية تحررت أرواح أهل غزة من الحصار والجوع والتعذيب والخذلان.
تحررت أرواح القادة في غزة بما أدوه وما قدموه من تضحية وفداء وجهاد واستشهاد.
وظهرت بارقة المقاومة خفاقة عالية ترفرف في سماء العزة تجمع حولها قلوب أحرار العالم .
وظهرت بارقة المقاومة في سوريا الأبية فنفضت من على أكتافها تبعية الروس وتبعية أمريكا وتبعية إيران وتبعية العلويين وتبعية النصيريين وتبعية الشبيحة وتبعية حزب الله .
وظهرت بارقة الوحدة بين فصائل المقاومة التي تلهم الآن جميع شعوب المنطقة بأن السبيل لمقاومة المحتلين والمستعمرين بالنيابة تبدأ أولا بوحد الصف ثم استكمال الإعداد ثم وضوح الهدف ثم عدم الدخول في سيناريوهات الدول المجاورة التي تعمل ليل نهار على إضافة أي فرصة لتكسب الشعوب من خلالها الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة والمساوة .
وآخر البيارق أو البوارق هو الشكل النهائي الذي يجب أن تكون عليه طرق الإدارة ليس المهم الأسماء ولا المسميات فإنها ليست هدفا إنما المهم نتائجها المهم في إدارة شئون البلاد هو :
عدالة ناجزة حقيقية لا تفريط فيها مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دخل مكة متواضعا حانيا رأسه حتى لامست ناقته وهو يردد شعار النصر اليوم يوم المرحمة اليوم تصان الحرمة وهو يردد إذهبوا فأنتم الطلقاء.
ومع كل هذا العفو والرحمة إلا أنه أمر بقطع رؤس قادة الفتنة ومن تولوا إيذاء المسلمين قال اقتلوهم ولو تعلقوا في أسرار الكعبة .
ولما جاء عثمان رضي الله عنه يستشفع لعبد الله بن سعد بن أبي السرح غير رسول الله وجهه بالكلية يرفض الشفاعة ثلاث مرات حتى اضطر إليها وبعدها قال للصحابة أما قام رجل منكم فقتله قالوا يارسول الله هلا أومأت لنا قال: ما كان لرسول أن تكون له خائنة الأعين ) لكننا من كلامه للصحابه هلا قام أحدكم فقتله أن ذلك ما ينبغي أن يفعله قادة الأمة في الخونة والمخربين والمفسدين الذين افسدوا في الأرض وخربوا البلاد وآذوا الشعب تعذيبا وتنكيلا وتهجيرا وتشريدا.
انها الفوارق التي يجب التنبه لها والتواصل معها والاستثمار فيها .
والبوارق التي يجب أن تظهر وترفع وتتميز:
بارقة المقاومة .
بارقة الاستقلال .
بارقة الحرية .
بارقة العدالة الناجزة.
بارقة المساواة.