نحن نصنع الحياة: الشباب السوداني بين رماد الحرب وأحلام الغد

شبكة مراسلين
بقلم: محمد ابراهيم مودي
في مكان ما من هذا البلد الجريح، حيث تُركت الشوارع تتنفس الدخان، والمباني تنهار على الذكريات هناك جيلٌ لا يزال يقف. لا يحمل سلاحًا، بل يحمل أدوات النجاة: شغف، أمل، خيال، وصبرٌ لا يعرف الانكسار.
الشباب السوداني بعد الحرب ليسوا مجرد ناجين… بل صُنّاع حياة.
وربما هذه هي أعظم معركة يخوضونها: أن يبقوا إنسانيين، حالمين، ممتنين، رغم كل شيء.
بين الألم والامتنان.. شباب يُصرّ على الحياة
الواقع النفسي الذي يعيشه الشباب اليوم بعد الحرب قاسٍ، ثقيل.
كثيرون فقدوا منازلهم، أحبابهم، فرصهم، بل وحتى شعورهم بالزمن.
لكن الغريب، وربما الجميل، أنهم ما زالوا يقولون: “نحن ممتنون لأننا على قيد الأمل”.
في خيمة نازحين، يقيم شاب ندوة عن الصحة النفسية.
فتاة فقدت والدها ترسم لوحات لأطفال الحي.
شباب يوزعون كتبًا مستعملة على التلاميذ في مدرسة مهدّمة.
هذه ليست مشاهد درامية… بل هي الحياة اليومية لهؤلاء الشباب.
لسنا حطب الحرب.. نحن جذوة المستقبل
الخطاب السائد عن الشباب السوداني غالبًا ما يصوّرهم كضحايا، مغلوبين على أمرهم، ينتظرون الخلاص. لكن الحقيقة أكثر جرأة: هذا الجيل لا ينتظر شيئًا، بل يصنع كل شيء من لا شيء.
من بين الركام، يظهر شاب يحوّل بقايا الخشب إلى مقاعد دراسية.
فتاة تبتكر مشروعًا إلكترونيًا لتوصيل الدعم الإنساني للمتضررين.
فرق تطوعية تنظم معسكرات نظافة وإعادة تأهيل لأحياء منهكة.
الحرب لم تأخذ منهم الحلم، بل زادتهم إصرارًا على تحقيقه.
كأنهم يقولون: “ربما خسرنا الحرب، لكننا لن نخسر أنفسنا”.
جيل يعرف الشغف جيدًا.. ويعرف وجعه أيضًا
الشباب السوداني ليس شغوفًا فقط، بل شغوف رغم كل المعوقات:
رغم انقطاع الكهرباء، يواصلون الدراسة تحت أضواء الهواتف.
رغم النزوح، يطلقون مشاريع صغيرة من خيام مهترئة.
رغم الحزن، يضحكون، يغنون، يكتبون، ويخططون لمستقبل أجمل.
هم يعرفون أن الشغف مؤلم أحيانًا… لكنه طريقهم الوحيد نحو الحياة الكريمة.
أمل لا يشبه الأوهام
الأمل هنا ليس ترفًا فكريًا أو هروبًا من الواقع.
بل هو فعل يومي.
اختيار واعٍ للتمسك بالحياة، لتجاوز الخوف، لبناء السودان من جديد… لكن هذه المرة بأيديهم.
شباب لا ينتظرون مبادرة حكومية ولا منظمة دولية.
يصنعون حاضرهم بما توفر، ويخططون لغدٍ لا يُبنى إلا بهم.
نهاية مفتوحة… كأحلامهم
في اليوم العالمي للشباب، العالم يحتفي بجيله الجديد…
أما في السودان، فالشباب لا ينتظرون الاحتفاء، بل يصنعونه.
إن كنت تبحث عن قصة غير مكررة، انظر إلى الشباب السوداني بعد الحرب.
قصتهم ليست عن الموت، بل عن النجاة بكرامة، عن الحلم رغم الألم، عن الامتنان وسط العاصفة.
ليسوا مجرد ناجين… إنهم بناة حياة، رواة أمل، وأبطالٌ يكتبون فجر السودان القادم.