ممدوح نجم – سوريا
ما حدث في مدينة السويداء خلال الأشهر الماضية تحول من أزمة محلية عابرة، إلى أزمة تدخل في تعقيد حلها إسرائيل التي استخدمت بعض شيوخ عقل الطائفة إلى أدوات لتحقيق غاياتها ومنافعها ومكتسباته من الدولة السورية الجديدة
الان القصة تبدلت وتغيرت بعد الاتفاق الثلاثي الأمريكي الأردني السوري الذي وضع أسسا لحل هذه المعضلة التي وضعت شرخا كبيرا بين مكونات الشعب السوري. فهل تعود السويداء للبيت الكبير سوريا،أم أم تضرب بعرض الحائط بالاتفاق المبرم،وتفتح جروحا عميقة لا تندمل لقرون.
*صفقة بختم دولي
لنكن صادقين مع أنفسنا – هذا الاتفاق الجديد مختلف عن كل ما سبق.
فهو يحمل توقيع ثلاث عواصم ، وموافقة تركية عليه، ومباركة عربية واسعة.
وهذا شيء نادر الحدوث في منطقتنا التي اعتادت على الخلافات أكثر من التوافق.
الاتفاق يتضمن أشياء عملية وملموسة: تحقيقات حقيقية فيما جرى، مساعدات إنسانية، وأهم من كل هذا – ضمانات واضحة لحقوق أهل السويداء.
* عندما نريد كل شيء نخسر كل شيء
الغريب في الأمر أن “اللجنة القانونية” في السويداء رفضت الاتفاق فور الإعلان عنه. وهنا يرى ناشطون سوريون أنه : من يريد أن يأخذ كل شيء دفعة واحدة، عادة ما يجد نفسه بلا شيء في النهاية.
أفهم أن هناك مخاوف ومطالب مشروعة، لكن السؤال هو: هل الرفض المطلق هو الخيار الأذكى في هذا التوقيت؟ وهل فكروا جيداً في البدائل المتاحة؟
* ماذا بعد سقوط المظلة؟
دعونا نتحدث بوضوح أكبر عن العواقب. هذه المظلة الدولية التي تحمي السويداء الآن ليست أبدية. وإذا استمر الرفض، فإن الحماية ستنتهي تدريجياً، وعندها ستجد السويداء نفسها وجهاً لوجه مع واقع مختلف تماماً.
والأمر الآخر المقلق هو ما نشرته صحيفة أكسيوس الأمريكية عن لقاءات محتملة بين دمشق وتل أبيب. هذا التطور يؤكد أن المنطقة تشهد تحولات كبرى، وأن من لا يتحرك بسرعة قد يجد نفسه خارج المعادلة كلياً.
اليوم، أهل السويداء أمام خيار صعب لكنه واضح. الاتفاق المطروح ليس مثالياً، لكنه يفتح باب العودة للبيت السوري بشروط محترمة وضمانات دولية. وهذا إنجاز لا يُستهان به في منطقة مليئة بالصراعات.
الحكمة تقول إن السياسة فن الممكن، وليس فن المستحيل. وأحياناً تكون التسوية المعقولة أفضل بكثير من الانتصار الوهمي. السويداء وأهلها يستحقون السلام والاستقرار،.
السؤال الآن: هل سيختارون طريق العقل والحكمة، أم سيصرون على المضي في درب محفوف بالمخاطر؟ الوقت كفيل بالإجابة.
