مقالات

السلام مع إسرائيل: وهم استسلامي وهيمنة مقنّعة

شبكة مراسلين
مقال بقلم: مولاي إبراهيم محمد المصطفى

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم العربي، بات من الضروري أن تستيقظ الشعوب العربية من سباتها السياسي وتعيد النظر في مسألة “السلام” مع إسرائيل. هذا السلام الذي يُروّج له على أنه مخرج حضاري ونهاية لصراع طويل، ما هو في حقيقته إلا وهم يُراد به ترويض الأمة، وغطاء ناعم لمشروع توسعي لا يؤمن إلا بالقوة والسيطرة.

إن قراءة موضوعية لتاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي تكشف بوضوح أن إسرائيل، منذ نشأتها، لم تكن تسعى إلى سلام حقيقي، بل إلى فرض واقع بالقوة، قائم على الاحتلال والتمييز والهيمنة. فالمشروع الصهيوني لم يُبنَ على فكرة التعايش، بل على نفي الآخر، وتفكيك محيطه العربي، تمهيدًا لإضعافه وتركيعه، دولة بعد أخرى.

تُوَقِّع بعض الأنظمة اتفاقات سلام مع إسرائيل، وتفتح لها الأبواب السياسية والاقتصادية، تحت ذرائع متعددة: “السلام مقابل الأمن”، أو “الازدهار المشترك”. لكن، في الواقع، لا الأمن تحقق، ولا الازدهار عمّ. بل على العكس، تزداد إسرائيل شراسة في سياساتها ضد الفلسطينيين، وتستمر في التوسع الاستيطاني، وفرض الحصار، وقتل الأبرياء، بينما تقابل المبادرات العربية بمزيد من التجاهل والإذلال.

أليس من السذاجة أن يُنتظر من قوة احتلال أن تمنح سلامًا؟ أليست اتفاقات التطبيع سوى أدوات لاختراق الجبهة الداخلية العربية، وتفكيك الموقف الجماعي، وتمرير المشاريع الاستعمارية الجديدة بواجهات ناعمة؟

من هنا، فإن السلام مع إسرائيل، وفق شروطها ومفاهيمها، ليس سلامًا على الإطلاق، بل شكلٌ من أشكال الاستسلام. سلامٌ يُفرض بالقوة، ويُشترى بالمواقف، ويُسوَّق كأنه انتصار، بينما هو في الحقيقة خسارة استراتيجية عميقة.

لقد آن للعرب، شعوبًا ونخبًا، أن يدركوا أن الصراع مع إسرائيل ليس فقط على الأرض، بل على الكرامة، والهوية، والمصير. وأن مواجهة هذا المشروع لا تكون بالتطبيع ولا بالاسترضاء، بل بوحدة الموقف، ودعم المقاومة، وبناء قوة سياسية واقتصادية وثقافية قادرة على الوقوف في وجه الهيمنة.

إن إسرائيل لا تبحث عن شريك للسلام، بل عن ضحية ترضى بالإستسلام وتصفق للجلاد.


المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة مراسلين

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews