بين المتابعة والانتقاد مفارقة المؤثرين في الكأس العربية

مولود سعدالله – مراسلين
مع انطلاق منافسات الكأس العربية عاشت الجماهير العربية الحدث بطريقتها المعتادة، بين الشغف الرياضي والتفاعل الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي غير أن هذه الدورة لم تقتصر على الحضور الجماهيري والرياضي فقط، بل عرفت أيضا حضور عدد من المؤثرين وصناع المحتوى ، الذين سافروا لمتابعة المباريات ونقل أجواء البطولة عبر منصاتهم الرقمية.

يذكر أن بعض صناع المحتوى يخلقون نقاشا حادا بين الجمهور سواء لمضامينهم أو أسلوبهم وحضورهم في الكأس العربية مع الجدل الذي يخلقه محتواهم يتحول إلى نقاش اجتماعي إعلامي حول دور المؤثرين وحدود تمثيلهم وطبيعة علاقتهم بالجمهور والتناقض في المتابعة والانتقاد .
عند متابعة التفاعل الرقمي يبرز بوضوح انقسام في آراء الجمهور ، فبينما يرى بعض المتابعين أن وجود المؤثرين طبيعي بحكم شعبيتهم وقدرتهم على نقل الحدث بأسلوب مختلف، عبر آخرون عن استيائهم من طريقة الطرح أو المظهر أو من محتوى اعتبروه لا يرقى إلى قيمة الحدث الرياضي و اللافت أن هذا النقد لم يمنع استمرار التفاعل ، بل على العكس ساهم في رفع نسب المشاهدة والتعليقات ما يطرح تساؤلا جوهريا حول طبيعة العلاقة بين الجمهور وصناع المحتوى عربيا في الفضاء الرقمي.
أحد أبرز الأسئلة التي يطرحها هذا الجدل هو: كيف يمكن لشخصيات رقمية أن تكون محل انتقاد واسع، وفي الوقت نفسه تحافظ على قاعدة جماهيرية كبيرة؟
يرى متابعون للشأن الرقمي أن المتابعة لا تعكس دائما الإعجاب أو القبول بل قد تكون بدافع الفضول، أو الرغبة في المراقبة، أو حتى النقد المستمر فوسائل التواصل الاجتماعي تقوم أساسا على التفاعل، بغض النظر عن طبيعته، وهو ما يجعل الجدل نفسه جزءا من آليات الانتشار ،
في هذا السياق يصبح المؤثر مادة للنقاش أكثر من كونه صانع محتوى فقط، وتتحول كل حركة أو تصريح إلى موضوع للجدل والتحليل.
من زاوية أخرى يرى مختصون في الإعلام الجديد أن الجدل حول المؤثرين لا ينفصل عن تحولات أعمق يعيشها المجتمع، تتعلق بتغير معايير الشهرة، وتداخل الترفيه بالإعلام، وتراجع الحدود التقليدية بين الصحفي وصانع المحتوى ،
فالمؤثرون سواء اتفق أو اختلف معهم يعكسون واقعا جديدا.
الكأس العربية اعادت طرح أسئلة تتجاوز نتائج المباريات لتلامس قضايا مرتبطة بالتمثيل الإعلامي، والمسؤولية والذوق العام فهل المشكلة في المؤثرين أنفسهم؟ أم في توقعات الجمهور منهم؟ أم في غياب معايير واضحة تضبط العلاقة بين الشهرة والمسؤولية؟
هذا الجدل يعكس حالة وعي متزايدة لدى الجمهور، ورغبة في مساءلة كل من يظهر في الفضاء العام، دون أن يمنع ذلك من الاستمرار في المتابعة مفارقة قد تبدو متناقضة، لكنها تعبر بصدق عن مشهد رقمي جديد لا يزال يتشكل وتظل أسئلته مفتوحة.




