معارك الخرطوم الحاسمة تعيد رسم خريطة الصراع في السودان

كتب: وليد شهاب قصاص
أعلنت مصادر عسكرية سودانية اليوم – الجمعة – أن الجيش السوداني تمكن من السيطرة الكاملة على القصر الرئاسي ومنطقة وسط الخرطوم بعد معارك شرسة استمرت لأيام ضد قوات الدعم السريع.
وصرَّح المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، في بيان رسمي أن القوات المسلحة نجحت في “سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية” في مناطق وسط الخرطوم، بما في ذلك السوق العربي ومباني القصر لجمهوري والوزارات. وأضاف أن الجيش دمّر أفراد ومعدات العدو تدميرًا كاملاً، واستولى على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات.
أفادت تقارير ميدانية أن المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اشتدت في 16 مارس الجاري، عندما وصل جنود سلاح المدرعات إلى القيادة العامة وتمكنوا من قطع خطوط إمداد قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم، مما أدى إلى عزل هذه القوات عن مناطق انتشارها في الجزء الجنوبي والشرقي من العاصمة. أكدت مصادر عسكرية أن الجيش استخدم الطيران الحربي والطائرات المسيرة لقصف مواقع قوات الدعم السريع، مما تسبب في دمار واسع في القصر الرئاسي والمناطق المحيطة.
صرَّح العميد نبيل عبد الله أن هذه العمليات تأتي في إطار خطة الجيش لاستعادة السيطرة على كامل أراضي السودان من “دنس المليشيا وأعوانها”. وأكد أن الجيش سيستمر في المضي قدمًا في جميع محاور القتال حتى تحقيق النصر الكامل. كما بثت منصات تابعة للجيش مقاطع فيديو تظهر لحظة اقتحام جنود الجيش للقصر الرئاسي وانتشارهم في المقر السيادي، بالإضافة إلى عرض عدد من أسرى قوات الدعم السريع.
من جهتها، ذكرت مصادر محلية أن قوات الدعم السريع كانت قد سيطرت على القصر الرئاسي ومجمع الوزارات ومنطقة وسط الخرطوم منذ بداية النزاع العسكري في 15 أبريل 2023. كانت هذه القوات جزءًا من فريق الحماية المنتشر في المؤسسات المهمة، لكنها عززت وجودها بمزيد من القوات والعتاد مع تمدد أيام القتال. ومع ذلك، تمكن الجيش السوداني خلال الأشهر القليلة الماضية من تحقيق مكاسب عسكرية كبيرة، بما في ذلك السيطرة على محليات بحري وشرق النيل وأجزاء واسعة من الخرطوم وأم درمان.
أفادت تقارير إعلامية أن المعارك الأخيرة في وسط الخرطوم خلفت دمارًا كبيرًا في البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك المباني الحكومية والمنشآت الحيوية. أكدت منظمات إنسانية أن الأوضاع الإنسانية في العاصمة تزداد سوءًا، مع نزوح آلاف المدنيين من مناطق القتال ونقص حاد في الغذاء والماء والخدمات الطبية.
من جانبها، صرَّحت قيادات في قوات الدعم السريع أنهم لن يستسلموا وسيواصلون مقاومتهم ضد الجيش السوداني. أكدت مصادر مقربة من قوات الدعم السريع أنهم يعيدون تنظيم صفوفهم في المناطق الجنوبية والشرقية من الخرطوم، ويستعدون لشن هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدوها.
في السياق السياسي، أعلنت الحكومة الانتقالية في السودان، أن استعادة السيطرة على القصر الرئاسي ومنطقة وسط الخرطوم يمثل خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار والأمن في البلاد. صرَّح رئيس الوزراء السوداني، أن هذه التطورات تعكس التزام الجيش بحماية سيادة البلاد واستعادة مؤسسات الدولة. وأكد أن الحكومة تعمل على توفير الدعم اللازم للمدنيين المتضررين من النزاع.
من جهة أخرى، أعلنت منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، عن قلقها البالغ إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأطراف المتحاربة. صرَّحت منظمة العفو الدولية أن القصف العشوائي واستهداف المدنيين يشكلان انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. ودعت المنظمات الدولية إلى وقف فوري لإطلاق النار وإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المزعومة. في الختام، يبقى النزاع العسكري في السودان واحدًا من أكثر الأزمات تعقيدًا في المنطقة، مع تداعيات إنسانية وسياسية واسعة. التطورات الأخيرة في وسط الخرطوم تؤكد الحاجة إلى حلول دائمة تعتمد على مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، بدلًا من الحلول الأمنية المؤقتة. التحركات الدولية والإقليمية ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مآلات هذا الصراع.