اللوفر بين مطرقتين: إضراب العمال يتمدد وأسئلة أمنية محرجة بعد سرقة تاريخية

سارة جودي – مراسلين
يعد متحف اللوفر في باريس أحد أهم الصروح الثقافية في العالم، وأكبر متحف فني من حيث المساحة وعدد الزوار، إذ استقبل قرابة 9 ملايين زائر خلال عام 2023. ويضم المتحف مجموعات فنية استثنائية من أبرزها لوحة الموناليزا وتمثال النصر المجنح، ما يجعله من أبرز الرموز الثقافية العالمية كما تحظى أخباره باهتمام دولي واسع.
و دخل موظفو متحف اللوفر في إضراب احتجاجا على نقص عدد العاملين وتدهور ظروف العمل وحالة بعض مرافق المبنى، ما أدى إلى إغلاق المتحف بالكامل يوم الإثنين 15 ديسمبر. وبعد اجتماع للجمعية العامة للموظفين تقرر تمديد الإضراب ليوم إضافي، رغم إعلان إدارة المتحف إعادة فتحه جزئيا للسماح للزوار بالوصول إلى أبرز المعروضات، مع بقاء عدد من الصالات مغلقة.

ويرجع الإضراب بحسب النقابات العمالية إلى ضغوط متزايدة يعاني منها الموظفون، من بينها قلة الموارد البشرية وتدهور البنية التحتية، وقرارات إدارية اعتبرت غير منصفة. كما يطالب العاملون بتوظيف مزيد من الموظفين وتحسين الأجور، وتوجيه الاستثمارات نحو صيانة المتحف بدل تقليص الميزانيات. ورغم اجتماع ممثلين عن وزارة الثقافة مع النقابات واقتراح بعض الحلول، اعتبر الموظفون هذه الإجراءات غير كافية ما أدى إلى استمرار الإضراب.
وتزامنت هذه الأزمة الاجتماعية مع حادث أمني خطير شهده المتحف في 19 أكتوبر 2025، حين تعرضت مجوهرات ملكية معروضة في قاعة أبولو لعملية سرقة جريئة قدرت قيمتها بنحو 88 مليون يورو. ونفذ اللصوص العملية خلال دقائق قليلة وأمام الزوار، مستغلين ثغرات في النظام الأمني، حيث كشفت التحقيقات لاحقا عن قصور كبير فيها، من بينها ضعف تغطية كاميرات المراقبة وتقادم أنظمة الإنذار.

وقد أثارت حادثة السرقة موجة من الانتقادات تجاه إدارة المتحف، مما اضطر مديرة اللوفر لورانس دي كار إلى الاعتراف علنا بوجود “خلل مؤسسي” في منظومة الأمن. وقد تصاعدت حدة الموقف إلى حد استدعائها للمثول أمام مجلس الشيوخ الفرنسي للمساءلة حول هذا الفشل الأمني الكبير. وفي رد فعل رسمي سريع، أعلنت وزارة الثقافة الفرنسية عن حزمة إجراءات عاجلة لتعزيز أمن المتحف وإعادة هيكلة إدارته وأنظمته الحماية. ومن المقرر أن تواجه المديرة دي كار أسئلة النواب في جلسة استماعٍ علنية بعد ظهر الأربعاء 17 ديسمبر، وذلك بعد التغطية الإعلامية الناقدة التي تلت واحدة من أكبر السرقات الفنية في التاريخ الحديث للوفر.

وتؤكد هذه الأحداث المتلاحقة أن متحف اللوفر رغم مكانته العالمية، يواجه تحديات حقيقية تتعلق بإدارة الموارد البشرية وحماية التراث الثقافي. كما أبرزت ضرورة الاستثمار المستدام في صيانة المتحف وتحسين ظروف العاملين فيه، لضمان استمراره كأحد أبرز المعالم الثقافية والفنية في تراث عالمي.






