«عربات جدعون».. خطة الاحتلال الجديدة لتوسيع الحرب على غزة

شبكة مراسلين
تقرير: محمد خلاف
في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، أقرّت دولة الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، خطة عسكرية أطلقت عليها اسم “عربات جدعون”، تهدف إلى توسيع الحرب على قطاع غزة بشكل شامل، عبر احتلال دائم للمناطق التي سيطر عليها جيش الاحتلال، بالإضافة إلى تهجير واسع النطاق للفلسطينيين من شمال القطاع إلى مناطق الجنوب. هذه الخطة، التي تأتي تحت شعار “هزيمة حماس واستعادة المحتجزين”، كشفت عن نوايا الاحتلال في تغيير وجه قطاع غزة.
الخطة: هدم، احتلال، وتهجير
وفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى، وافق المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) بالإجماع على عملية “ميركافوت جدعون” (“عربات جدعون”)، التي وضعها رئيس الأركان إيال زامير بالتعاون مع قيادة الجيش الإسرائيلي، وصادق عليها وزير الأمن يسرائيل كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
الخطة تتضمن تعزيز القوات العسكرية الإسرائيلية بأحدث المعدات الثقيلة، بما في ذلك الدعم البري والجوي والبحري، لشنّ عمليات عسكرية واسعة النطاق تستهدف القضاء على حركة حماس وتدمير بنيتها العسكرية والحكومية.
كما أكد المسؤولون أن الهدف الرئيسي هو “إطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين”، رغم أن تحقيق هذا الهدف يبدو مشكوكًا فيه لدى العديد من المحللين.
أحد أبرز العناصر المثيرة للجدل في الخطة هو الإجلاء الجماعي لسكان غزة من مناطق القتال، وخاصة في الشمال، إلى المناطق الجنوبية. ويبرر الاحتلال هذا الإجراء بأنه يهدف إلى “فصل السكان المدنيين عن مقاتلي حماس”، لكنه في الواقع يمهد الطريق أمام الجيش الإسرائيلي لاحتلال كامل للقطاع وتحويله إلى منطقة عازلة تخضع لسيطرة مباشرة.
“لن ننسحب كما حدث في الماضي”
في كلمة متلفزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الكابينت وافق على توسيع الحرب في غزة بناءً على توصية رئيس الأركان. وقال نتنياهو: “لن ندخل إلى غزة ثم ننسحب كما حدث في الماضي. لن نرسل قوات الاحتياط للسيطرة مؤقتاً على الأرض، ثم نغادر ونكتفي بمداهمات محدودة”. وأضاف، دون الخوض في التفاصيل: “بل العكس تماماً هو ما نخطط له”.
تصريحات نتنياهو تحمل رسائل واضحة حول نية الاحتلال البقاء في غزة لفترات طويلة، وربما بشكل دائم، مستلهماً نموذج “رفح” الذي تم تدميره بالكامل وإخلاؤه من سكانه خلال العمليات السابقة. إذ سيتم تسوية المناطق التي يتم “تطهيرها” بالأرض، لتصبح جزءًا من “المنطقة الأمنية” التي يسعى الاحتلال لفرضها.
الحصار الإنساني وخطة المساعدات المشبوهة
على الصعيد الإنساني، أكد المسؤولون الإسرائيليون استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، مشيرين إلى أنه لن يتم تنفيذ أي خطة لإدخال المساعدات الإنسانية إلا بعد بدء العمليات العسكرية والإجلاء الواسع للسكان نحو الجنوب.
ووفقاً للخطة، سيتم فصل المساعدات عن حماس عبر تشغيل شركات أجنبية مدنية، وسيتم تحديد مناطق آمنة تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك منطقة معزولة في رفح، حيث سيتم فحص الداخلين لمنع وجود عناصر من حماس.
هذه الخطة أثارت رفضًا واسعًا، ليس فقط من الفلسطينيين، بل حتى داخل إسرائيل نفسها. فقد اعتبرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن الموافقة على هذه الخطة تعبير صريح عن التخلي عن أبنائها، بينما اعتبرتها حركة حماس دليلاً على زيف مزاعم الاحتلال حول تقديم المساعدات الإنسانية.
ردود الفعل: غضب فلسطيني وإسرائيلي
حركة حماس أدانت بشدة الخطة الإسرائيلية، واعتبرتها محاولة لتبرير عمليات التهجير القسري والتدمير الشامل للقطاع. وأشارت في بيان رسمي إلى أن الاحتلال يستخدم ذريعة “استعادة الأسرى” لتبرير جرائمه المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
أما داخل إسرائيل، فقد أثارت تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، التي قال فيها إن “استعادة الأسرى ليست الهدف الأكثر أهمية”، غضبًا واسعًا بين عائلات المحتجزين، الذين اعتبروا هذه التصريحات خيانة واضحة لمطالبهم.
مستقبل مجهول تحت ظلال “عربات جدعون”
مع تصاعد التوترات وتوسيع دائرة الحرب، يبدو أن خطة “عربات جدعون” ليست مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل هي استراتيجية شاملة لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي لقطاع غزة.
وبينما يتحدث الاحتلال عن “حماية المدنيين”، تكشف الحقائق على الأرض عن نوايا أكثر خطورة تتمثل في تهجير الفلسطينيين، وتدمير بنيتهم التحتية، وفرض سيطرة دائمة على القطاع.