عصام حجي يكتب: سد النهضة بدون أي اتفاق، فما السبب؟
شبكة مراسلين
مقال الدكتور عصام حجي – عالم الفضاء في وكالة ناسا – على منصة إكس
على الرغم كل التحرك السياسي والدبلوماسي المصري إلا أن كل هذا لم يحقق نتيجة للوصول إلى اتفاق حتى الآن وبعد 13 سنة من التخبط الإعلامي في تارة والتعتيم في تارة أخرى.
الإجابة ببساطة هو غياب التحرك العلمي، والذي أجاده الطرف الآخر عن طريق مجموعات ضغط علمية تنتمى لجامعات كبرى تقوم بإعداد ونشر أبحاث تقدمها للمجتمع الدولي للتقليل من آثار سد النهضة وتوضحها كأنها حلول سحرية لمشكلة مستعصية.
ونظرا لأهمية الموضوع ولوجود شبكة علاقات لهذه المجموعات مع رؤساء تحرير عدة دوريات نجحت هذه الأبحاث في أن تنشر في أكبر المجلات العلمية وذلك لاعتماد القائمين عليها على تقديم أنفسهم أنهم محايدون يريدون حل سلميا ولا ينتمون لطرفي الصراع.
تبين فيما بعد أن أغلب كتاب هذه الأبحاث أصحاب شركات استشارية تعمل لصالح مشروع سد النهضة وانتمائهم لمجموعة ضغط في واشنطن تعمل للدعاية للمشروع.
دعمت هذه الابحاث موقف الجانب الاخر امام المجتمع الدولي وأثبتت عدم الاحتياج للتوصل لاي اتفاق لأنه باختصار لا توجد أي أثار ملموسة.
وتباعا تقوم تلك المجموعات بمهاجمه الابحاث التي تبرز الاثار المباشرة والغير المباشرة للسدود على نهر النيل ومحاولة حذفها من المجلات العلمية حتى لا تأثر على هذا الدعم الغربي ولا تكون جزء من تاريخ المشروع يمكن الاطلاع عليه في أي مرحلة.
وبذلك حينما يقوم المجتمع الدولي بالتحكيم بين الطرفين لا يجد أي أبحاث تشير لهذه المخاطر التي تندد بها مصر نهائيا، ويجد فقط الابحاث المكتوبة بحرفية التي تقدمها مجموعات الضغط التي تقلل من هذه المخاطر.
وحرصت مجموعات الضغط هذه المخولة بهذا الدور على استقطاب باحثين وصحفيين من دول المصب حتى تزيد من مصداقيتها أمام الرأي العام العالمي مقدمة لهم تسهيلات للسفر في منح خارجية وجوائز وهمية في مؤتمرات محلية.
وبهذا الشكل فقدت مصر تدريجيا الدعم السياسي والدبلوماسي لعدم وجود ما يدعم مخاوفها بأبحاث علمية محكمة دوليا ومنشورة في مجلات مرموقة تأكد أن هناك أضرارا ملموسة للتشغيل الأحادي للسد.
كفريق علمي مهتم بأبحاث المياه قمنا بمراجعة هذ الأبحاث وأثبتنا التلاعب بالأرقام فيها وقمنا بنشره علميا وأصبح ذلك يؤرق مجموعات الضغط الخارجية والتي استطاعت تجنيد مصريين على وسائل التواصل لمحاربة ما نقوم بنشره من ابحاث مستفيدة من السخط والتخبط الإعلامي والتقليل المستمر من قيمة العلم في مجتمعنا.
ومع ذلك وبإمكانيات بسيطة وتضحيات كبيرة من طرف أعضاء الفريق العلمي قمنا بكشف هذه الأساليب في مجموعة من الابحاث المحكمة التي تدحض ادعاءاتهم الغير علمية بل وقمنا بأثبات التلاعب بالنماذج المائية التي زيفت تلك الدراسات بتقليل المخاطر.
وفي نظري مازال حل قضية سد النهضة ممكنا وأن التصعيد والاعتماد على المجتمع الدولي لحل المشكلة خطأ مازال يمكن تجنبه بتغيير لغة الحوار من الطرفين.