التصعيد الإسرائيلي.. أزمات داخلية وانعكاسات جيوسياسية على مستقبل الصراع

بقلم: وليد شهاب قصاص
تشهد المنطقة العربية، وخاصة فلسطين، تصعيدًا عسكريًا وسياسيًا غير مسبوق من قبل الكيان الإسرائيلي، يتزامن مع أزمة سياسية داخلية حادة قد تُفضي إلى تحولات جذرية في بنية النظام السياسي الإسرائيلي.
هذا التصعيد لا يقتصر على غزة فحسب، بل يمتد إلى جبهات متعددة تشمل لبنان، سوريا، اليمن، وحتى البحر الأحمر، مما ينذر بتوسع رقعة الصراع وزيادة حدة التوتر الإقليمي.
في هذا التحليل، سنستعرض التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة، ونحلل انعكاساتها على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع التركيز على الأزمة الداخلية الإسرائيلية وتأثيراتها المحتملة على مستقبل المنطقة.
تكثف إسرائيل غاراتها الجوية والقصف المدفعي على مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفة الأحياء السكنية، منازل النازحين، والمساجد، مما يؤدي إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى. تؤكد هذه العمليات استمرار سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين. على سبيل المثال، تؤكد مصادر محلية أن قصف أم النصر وبيت لاهيا أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين، بينما تؤدي غارات على خيام النازحين في مواصي رفح وخان يونس إلى مجازر بحق عائلات كاملة، مثل عائلة الأغا وأبو دقة.
تعلن إسرائيل عن بدء عمليات عسكرية جديدة في بيت حانون وتل السلطان، مؤكدة استهداف بنى تحتية تابعة لحماس وتوسيع “المنطقة الأمنية” شمال القطاع. هذه الخطوة تعكس محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد على الأرض، قد يكون مقدمة لخطوات استيطانية أو عسكرية أوسع.
تشهد الضفة الغربية تصعيدًا ملحوظًا في الاقتحامات والاعتقالات والاعتداءات على الفلسطينيين، خاصة في جنين، طولكرم، الخليل، ونابلس. تصادق الحكومة الإسرائيلية على الاعتراف بـ 13 مستوطنة جديدة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الوجود الاستيطاني وفرض وقائع جديدة على الأرض. يصف وزير المالية الإسرائيلي بيزيل سموتريتش القرار بأنه خطوة نحو “الضم والسيادة الرسمية” على الضفة.
جبهات لبنان وسوريا والعراق
شنت إسرائيل موجة غارات مكثفة على جنوب لبنان، خاصة بلدات تولين، كفرحون، الخريبة، وبيت ليف، ردًا على إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه المطلة. تنفي مصادر تابعة لحزب الله ضلوعه في إطلاق الصواريخ، بينما ترجح مصادر أمنية أن تكون فصائل فلسطينية وراء العملية. يحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يسرائيل كاتس الحكومة اللبنانية المسؤولية الكاملة عن هذه التطورات، مما يزيد من حدة التوتر بين الطرفين.
توغلت قوات إسرائيلية في عمق الأراضي السورية، وتصادر مدفعًا من الجيش السوري، كما تعلن عن بناء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة “التلول الحمر” بالقنيطرة. تؤكد هذه التحركات استراتيجية إسرائيلية لتوسيع نفوذها العسكري في سوريا، مستغلة الأوضاع الداخلية السورية لتحقيق مكاسب استراتيجية
اطلقت جماعة الحوثي صاروخًا باتجاه إسرائيل، يسقط في السعودية بعد اعتراضه من قبل الدفاعات الأمريكية. ترد الولايات المتحدة بغارات على مواقع الحوثيين في الحديدة وصعدة، مما يؤدي إلى شلل جزئي في حركة الطيران بمطار بن غوريون. تؤكد هذه التطورات اتساع رقعة الصراع، ودخول لاعبين إقليميين ودوليين جديدين في المعادلة.
الأزمة السياسية الإسرائيلية
تعيش إسرائيل أزمة سياسية غير مسبوقة، تتجلى في صراعات حادة بين الحكومة والمعارضة، وإقالة رئيس الشاباك رونين بار، والحديث عن إقالة المستشارة القضائية للحكومة. تؤكد هذه الأزمة عمق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، وعدم قدرة النظام السياسي على إدارة الأزمات المتلاحقة. تندلع مظاهرات حاشدة في تل أبيب والقدس، تطالب بالإفراج عن الرهائن ورفض القرارات الحكومية الأخيرة.
مفاوضات حول الأسرى
تدرس حركة حماس مقترحًا أميركيًا لوقف إطلاق النار، وسط انتقادات شديدة لطريقة إدارة المفاوضات من قبل الحكومة الإسرائيلية. تصعّد عائلات المختطفين احتجاجاتها، وتحمل الحكومة مسؤولية إفشال الصفقة وتفجير الوضع مجددًا. تؤكد التقديرات الإسرائيلية أن حماس متمسكة بوقف الحرب كشرط أساسي لأي اتفاق.
الجهود الدبلوماسية
تقود مصر وقطر والسعودية ودول عربية اخرى جهودًا دبلوماسية لاحتواء التصعيد، بينما تستضيف تركيا وفدًا من حماس. تحذر الولايات المتحدة رعاياها من السفر إلى إسرائيل والضفة، في إشارة إلى تدهور الأوضاع الأمنية. تؤكد هذه التحركات محاولات إقليمية ودولية لاحتواء الأزمة، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب التعنت الإسرائيلي.
الأزمة الداخلية الإسرائيلية
تؤكد الأزمة السياسية الحادة في إسرائيل عمق الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، وعدم قدرة النظام السياسي على إدارة الأزمات المتلاحقة. قد تؤدي هذه الأزمة إلى تحولات جذرية في بنية النظام السياسي، بما في ذلك تغييرات دستورية أو سياسية كبرى.
استراتيجية التصعيد العسكري
يعكس التصعيد العسكري الإسرائيلي استراتيجية ممنهجة لفرض وقائع جديدة على الأرض، وإضعاف المقاومة الفلسطينية. تواجه هذه الاستراتيجية تحديات كبيرة بسبب صمود المقاومة وتصاعد التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.
دور الفاعلين الإقليميين
تؤكد تدخلات لاعبين إقليميين مثل إيران وتركيا في الصراع تعقيد الأوضاع، مما يجعل من الصعب التوصل إلى حلول دبلوماسية. قد تؤدي هذه التدخلات إلى توسع رقعة الصراع، وزيادة حدة التوتر الإقليمي
أفاق الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي
يعتمد مستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على قدرة الفلسطينيين على الحفاظ على وحدة
الصف، وتعزيز المقاومة الشعبية. كما يعتمد على قدرة المجتمع الدولي على الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، ودعم حل الدولتين. وفي الختام يأتي التصعيد الإسرائيلي الحالي في سياق أزمة سياسية داخلية حادة، قد تؤدي إلى تحولات جذرية في بنية النظام السياسي الإسرائيلي. تزيد هذه التطورات من تعقيد الأوضاع في المنطقة، وتنذر بتوسع رقعة الصراع وزيادة حدة التوتر الإقليمي.
يبقى مستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي مرهونًا بقدرة الفلسطينيين على الصمود، ودعم المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية